عنه ذلك أيضا "، في حديث طويل، وأنا أذكر منه نقاوته: فقال: لما وقفت دنا إليها طلحة والزبير فطرحا عليها ثوبهما، فلما رأت ذلك قامت وقالت: لست بعريانة فتكسواني فقيل لها: إنهما يتزايدان عليك، فأيهما زاد عليك أخذك من السبي. قالت: لا يكون ذلك أبدا، ولا يملكني، ولا يكون لي لعل إلا من يخبرني بالكلام الذي قلته ساعة خروجي من بطن أمي.
فسكت الناس ينظر بعضهم إلى بعض، وورد عليهم ما بهر عقولهم، وبقوا في دهشة، فقال أبو بكر: مالكم ينظر بعضكم إلى بعض؟ فقال الزبير: لقولها الذي سمعت، جارية من سادات قومها ولم يكن لها عادة بما لقيت، وقد داخلها فلا تلوموها إذ قالت مالا تحصله.
قالت: والله ما داخلني الفزع ولا الجزع، وما قلت إلا حقا " ولا نطقت إلا فصلا " وما كذبت ولا كذبت. فأخذ أبو بكر وعمر يتحاوران الكلام وأخذ ثوبه من طرحه عليها، وجلست ناحية من القوم، فجاء أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه وآله فوقف ونظر إليها، ثم ناداها:
" يا خولة " فوثبت فقالت: لبيك قال: " لما كانت أمك حاملا " بك، وضربها الطلق، واشتد بها الامر دعت الله وقالت: اللهم سلمني من هذا الولد (1) سالما " كان أو هالكا "، وسبقت الدعوة لك بالنجاة، فناديت من تحتها: لا إله إلا الله، يا أماه لم تدعين علي وعما قليل سيملكني سيد، يكون لي منه ولد؟!
فكتبت أمك ذلك الكلام في لوح نحاس، فدفنته في الموضع الذي سقطت فيه، فلما كانت تلك الليلة التي قبضت فيها أمك أوصت إليك بذلك، فلما كان في وقت سبيك أخذت اللوح وشددتيه على عضدك