ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) * (1) الآية.
ومن استخلفه الله تعالى فهو الخليفة.
وفي الآية تنبيه على أنها ليست فيمن سواهم، لان من ادعى الخلافة من غيرهم إنما استخلفه الناس، واختاره الخلق، ولم يستخلفه الله تبارك وتعالى، وقد قال الله عز من قائل: * (كما استخلف الذين من قبلهم) * (2) ومن استخلفه الله كان مطهرا " من الأدناس، متميزا بالعصمة من الناس، وليس ذلك من صفة من تصدى للامر.
وقد روي عن آل محمد صلى الله عليه وآله حقيقة ذلك، فيا لها من مرتبة شريفة، ومنقبة منيفة، وفضيلة باهرة، وحجة قاهرة.
والثانية: أنه سبحانه وتعالى علم آدم الأسماء كلها وألهمه معانيها، ثم قال للملائكة * (أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين) * (3) فلما عجزوا واعترفوا، قال لآدم عليه السلام * (أنبئهم بأسمائهم) * (4) فلما عرفت الملائكة فضيلته وأيقنوا برتبته، أمرهم بالسجود تكرمة له، فأذعن المخلصون وتمرد من كان من أهل النفاق، وجحد عنادا، واستكبر حسدا، وادعى أنه خير منه، واعتقد في نفسه ما لم يجعله الله له، فغضب الله عز وجل عليه، فطرده عن بابه، ووسمه باللعنة، وأخرجه من جواره، وأهبطه عن داره، ومدح من أذعن لامره، وانقاد لحكمه بالسجود له بقوله تعالى * (بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) * (5) فميز الله تعالى به بين المؤمن والمنافق، والمخلص والمدغل (6).