معدن الجواهر - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٥٧
بعطائه لا يتبعه منا ولا أذى ولا يطلب عليه عوضا دنيا يرى أنه لما فعله مؤد له فرضا ويعتقد أن الذي يقبل عطاءه قاض له حقا.
فأما حق النعمة عليك فتشتمل ست (1) خصال: المعرفة بها وذكر ما: يناسى منها عندك ومعرفة موليها وان ينسبها إليه وأن يحسن لباسها وان يقابل مسديها بالشكر عليها.
وأوصيك يا ولدي بست خصال فيها تمام العلم ونظام الأدب: الأولى ألا تنازع فوقك والثانية (2) أن لا تتعاطى ما لا تنال الثالثة أن لا تقول مالا تعلم الرابعة أن لا يخالف لسانك في قلبك الخامسة ان لا يخالف قولك فعلك السادسة أن لا تدع الامر إذا أقبل و أن لا تطلبه إذا أدبر.
واحذر العجلة فان العرب كانت تسميها أم الندامات وان فيها ست خصال:
يقول صاحبها قبل أن يعلم ويجيب قبل أن يفهم ويعزم قبل أن يفكر ويقطع قبل أن يقدر ويحمد قبل أن يجرب ويذم قبل أن يحمد. وهذه الخلال تكون في أحد إلا صحب الندامة وعدم السلامة.
واعلم أن ستة أشياء ينفين الحزن: استماع العلم ومحادثة الأصدقاء والمشي في الخضرة والجلوس على الماء الجاري والتأسي بذوي المصائب وممر الأيام.
وستة أشياء من مات فيها فهو قاتل نفسه: من أكل طعاما قد أكله مرارا فلم يوافقه ومن أكل طعاما فوق ما تطيقه معدته ومن أكل قبل أن يستبرئ ما أكل ومن رأى بعض أخلاط جسده هجم بهيجان ووجد لذلك دلائل فلم يستدركها بالأدوية المسكنة وأن أطال حبس الحاجة إذا هاجت به ومن أقام بالمكان الوحش وحده.
واعلم أن من رضي بستة أشياء صفت له دنياه وصح دينه: من رضي ببلده ومنزله وزوجته ومعيشته وقسم الله له من رزقه وما يقضيه الله عليه ان آلمه وخالف أمله.

(1) في الأصل (ستة).
(2) في الأصل (والثاني).
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست