التعجب - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ١١٣
لا تسكن قلوبهم إذا ذكرت مناقبهم، وتثبت عقولهم إذا نشرت فضائلهم؟ ولم صار المتشيع لهم رافضيا شريرا، ومناصبهم العداوة شينا مستورا، وإذا سمعوا من يقول: " اللهم العن ظالمي آل محمد " يغضبون ويقولون: هذا تعريض ورفض، وتشرد وبغض، والمسلم لا يكون لعانا، والأفضل من اللعن التسبيح، وهم مع ذلك يلعنون الشيعة اللعن الصريح، فكيف صار لعن ظالمي آل محمد تعريضا ورفضا، ولعن الشيعة حقا واجبا وفرضا؟ بل كيف صار لعن من يقول: " إن عائشة ظلمت " صوابا يكسب ثوابا، ولم يصر لعن من لا يقول: " إن فاطمة ظلمت " ضلالا يكسب عقابا؟ ولم صارت فضائل أهل البيت (عليهم السلام) إذا وردت متفرقة في خلال أحاديثهم، ومشهورة بين روايات شيوخهم تسمع وتثبت، وإذا انتزعت وتميزت تدفع وتمقت، ومن رواها وحدها كان رافضيا ملعونا؟
ولقد أخبرني القاضي أبو الحسن أسد بن إبراهيم السلمي (1) أنه حضر بمصر مجلس ابن النخاس المحدث فروى فاخرا من أحاديثه يتضمن خبر الليث بن سعد وما فيه من الآية التي رواها [عن] (2) الإمام الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) (3)

(١) هو أسد بن إبراهيم بن كليب بن إبراهيم الحراني، انظر ترجمته في بغية الطلب: ٤ / ١٥٥١.
وقد تقدم ذكره في مقدمتنا ضمن مشايخ الكراجكي.
(٢) أضفناها لاقتضاء السياق.
(٣) خبر الليث مشهور، وأنه قال: حججت سنة ثلاث عشرة ومائة، فلما صليت العصر رقيت أبا قبيس، وإذا أنا برجل جالس وهو يدعو فقال: " يا رب يا رب " حتى انقطع نفسه، ثم قال: " رب رب " حتى انقطع نفسه، ثم قال: " يا الله يا الله " حتى انقطع نفسه، ثم قال:
" يا حي يا حي " حتى انقطع نفسه، ثم قال: " يا رحيم يا رحيم " حتى انقطع نفسه، ثم قال: " يا أرحم الراحمين " حتى انقطع نفسه سبع مرات، ثم قال: اللهم إني أشتهي من هذا العنب فأطعمنيه، اللهم وإن بردي قد أخلقا.
قال الليث: فوالله ما استتم كلامه حتى نظرت إلى سلة مملوة عنبا، وليس على الأرض يومئذ عنب، وبردين جديدين موضوعين، فأراد أن يأكل فقلت له: أنا شريكك، فقال لي: ولم؟ فقلت: لأنك كنت تدعو وأنا أؤمن، فقال لي: تقدم فكل ولا تخبئ شيئا فتقدمت فأكلت شيئا لم آكل مثله قط وإذا عنب لا عجم له فأكلت حتى شبعت، والسلة لم تنقص، ثم قال لي: خذ أحد البردين إليك، فقلت: أما البردان فإني غني عنهما، فقال لي:
توار عني حتى ألبسهما، فتواريت عنه فاتزر بالواحد، وارتدى بالآخر، ثم أخذ البردين اللذين كانا عليه، فجعلهما على يده ونزل، فاتبعته، حتى إذا كان بالمسعى لقيه رجل فقال: اكسني كساك الله، فدفعهما إليه، فلحقت الرجل، فقلت: من هذا؟ قال: هذا جعفر بن محمد (عليهما السلام).
قال الليث: فطلبته لأسمع منه فلم أجده... انظر: مناقب ابن شهرآشوب: ٤ / ٢٣٢.
صفة الصفوة: ٢ / ١٧٣. تذكرة الخواص: ٣٤٥. مطالب السؤول: ٢ / ٥٩. كشف الغمة:
٢
/ ١٦٠. بحار الأنوار: ٤٧ / 141، ح 194، وج 95 / 158، ح 9.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المؤلف... 7
2 اسمه... 9
3 مولده... 9
4 مكانته العلمية والاجتماعية... 10
5 الاطراء والثناء عليه... 10
6 مشايخه... 11
7 تلامذته... 12
8 تواريخ تجوله ورحلاته... 13
9 مؤلفاته... 13
10 وفاته... 16
11 مرقده... 16
12 حول الكتاب... 18
13 موضوعه... 18
14 نسبته... 19
15 نسخه... 21
16 طبعاته... 22
17 النسخ المعتمدة... 22
18 منهجية العمل... 24
19 كلمة أخيرة... 25
20 الفصل الأول: في أغلاطهم في ذكر الوصية... 33
21 الفصل الثاني: في أغلاطهم في النص... 38
22 الفصل الثالث: في أغلاطهم في الاختيار... 45
23 الفصل الرابع: في أغلاطهم في اختيار أبي بكر... 49
24 الفصل الخامس: في أغلاطهم في الإمام... 57
25 الفصل السادس: في أغلاطهم في علم الإمام... 58
26 الفصل السابع: في أغلاطهم في العصمة... 64
27 الفصل الثامن: في أغلاطهم في إمامة المفضول... 68
28 الفصل التاسع: من أغلاط البكرية... 76
29 الفصل العاشر: في أغلاطهم في التقية... 79
30 الفصل الحادي عشر: في أغلاطهم في حق الصحابة 83
31 الفصل الثاني عشر: في أغلاطهم في الأسماء والصفات... 97
32 الفصل الثالث عشر: في ذكر بغضهم لأهل البيت (عليهم السلام)... 112
33 الفصل الرابع عشر: في أغلاطهم في تفضيل أبي بكر بآية الغار... 119
34 الفصل الخامس عشر: في غلطهم فيما يدعون لأبي بكر من الانفاق... 125
35 الفصل السادس عشر: في ذكر فدك... 128
36 الفصل السابع عشر: من أغلاطهم في الأحكام، وبدعهم في شريعة الإسلام... 148