لما يشفق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله " 1، ومعلوم أن الحجارة جماد ولا تعلم فتخشى، أو تحذر أو ترجو أو تأمل، وإنما المراد بذلك تعظيم الوزر في معصية الله، ما يجب أن يكون العبد عليه من خشية الله. وقد بين الله تعالى ذلك بقوله في نظير ما ذكرناه: " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال وقطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا " 2 فبين بهذا المثل عن جلالة القرآن وعظيم قدره.
وعلو شأنه، وأنه لو كان كلام يكون به ما عدده 3 ووصفه [21 ظ] لكان بالقرآن ذلك وكان القرآن به أولى لعظم قدره على سائر الكلام، وجلالة محله حسب ما قدمناه.
فصل. وقد قيل إن المعنى في قوله: " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال " عرضها على أهل السماوات وأهل الأرض وأهل الجبال، والعرب تخبر عن أهل الموضع بذكر الموضع وتسميهم باسمه. قال الله عز وجل:
" وسئل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها " 4 يريد أهل القرية وأهل العير، فكان العرض على أهل السماوات وأهل الأرض وأهل الجبال قبل خلق آدم 5، وخيروا بين التكليف بما كلف به آدم وبنوه، فأشفقوا من التفريط فيه واستعفوا منه فأعفوا 6، وتكلفه الناس ففرطوا فيه. وليس الأمانة على ما ظنه السائل أنها الوديعة 7 وما في بابها، لكنه 8 التكليف الذي وصفناه وهذا يسقط الشبهة التي