المسائل العكبرية - الشيخ المفيد - الصفحة ٩٢
عظم محل القرآن وما يجب أن يكون الانسان عليه عند سماعه وتدبره، من الحذر من الله تعالى والخشوع له والطاعة والخضوع.
المسألة الرابعة والثلاثون وسأل فقال: قد ثبت أن الله عدل لا يجور، وأنه لا يكلف نفسا إلا وسعها، وهو العالم بأن العرب لا تأتي بمثل القرآن ولا تقدر عليه، فلم كلفهم أن يأتوا بعشر سور مثله أو بسورة من مثله؟ وكذلك إن كانوا عليه قادرين لكنهم كانوا منه ممنوعين، فالسؤال واحد.
والجواب 1، أن قوله تعالى: * (فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) * 2 [ليس بأمر لهم وإلزام وندبة وترغيب، لكنه تحد وتعجيز، ألا ترى إلى قوله عز وجل: * (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سورة مثله مفتريات) *] 3 يريد به تعالى أنه لو كان القرآن من كلام بشر قد افتراه لكان مقدورا لغيره من البشر، فامتحنوا أنفسكم فإذا عجزتم عن افتراه مثله، فقد علمتم بطلان دعواكم على محمد صلى الله عليه وآله الافتراء للقرآن، ومن لم يفهم فرق ما بين التحدي والتقريع والتعجيز، والأمر والتكليف والالزام كان في عداد البهائم وذوي الآفات الغامرة للعقول 4 من الناس، وكذلك قوله: * (فأتوا بسورة من مثله) * ليس بأمر وإلزام لكنه تحد وتعجيز. ألا ترى قوله: * (إن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين. فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا " 5 فحداهم 6 وبين عجزهم وأنهم يعجزون عن ذلك ولم يتهيأ لهم أبدا.

1 - رض: فصل والجواب.
2 - سورة هود (11): 13.
3 - أثبتناها عن رض ومل.
4 - رض، مل: العقول.
5 - سورة البقرة (2): 23، 24.
6 - حش، رض، مل: فتحداهم.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»