من أجل نفسه، ولا للكفر بفرضه والعناد لله في تعظيمه،. إنما قصدوه لغيره ممن لم يكن له عند الله تعالى من الحرمة كحرمة، بل لم يكن لأكثرهم عند الله سبحانه حرمة في الدين، لضلالهم عن الهدى، وسلوكهم في الأفعال والأقوال طريق الردى 1. وهذا يوضح عن فرق ما بين الجرمين 2 ويفصل بين أحكام 3 المعصيتين، والله ولي التوفيق.
المسألة الثلاثون وسأل هل يجوز أن يحسن الله قبيحا في حال، ويقبحه في أخرى، مثل شرب الخمر وأكل لحم الخنزير والقتل والربا والزناء؟ وهل كانت هذه الأشياء محللة ثم حرمت، أم لم تزل محرمة غير محللة؟
والجواب، عن ذلك، أن الله تبارك. تعالى لا يحسن قبيحا ولا يقبح حسنا، إذ تقبيح الحسن وتحسين القبيح باطل، لا يقع إلا من جاهل بحقيقتهما، أو متعمد للكذب في وصفهما بغير صفتهما. والله، تعالى 5 عن ذلك علوا كبيرا.
فصل. وقد تدخل على العامة شبهة في هذا الباب يعترضهم شك في النسخ، وحظر ما كان مباحا وإباحة ما كان محظورا، فيتوهمون أن الله تعالى حسن قبيحا وقبح حسنا. وليس الأمر كما ظنوه. وذلك أن الحسن والقبح 6 إنما هما وصفان للأفعال، فالأفعال التي مضت وتعلق بها الحظر كانت قبيحة. وما مضى مما تعلقت به الإباحة والأمر بها كان حسنا. فإذا طرأ الحظر على أفعال في المستقبل كان ما يتعلق به ذلك في المستقبل قبيحا وما مضى منه حسنا. والأفعال المستقبلة غير