المسائل العكبرية - الشيخ المفيد - الصفحة ٩٥
ذكيا 1 فطنا متيقظا صافي 2 الطبيعة لم يكد يعلم كثيرا من الأشياء، وإنما يكثر علم الانسان. بخلوص طبيعته من الشوائب، وشدة ذهنه واجتهاده وطلبه، ومتى كان كذلك صدقت ظنونه، فكان المعنى في القول بصحة فراسة المؤمن هو ما ذكرناه من صدق ظنه في الأكثر وليس إصابة الانسان في الأكثر تمنع من سهوه في الأقل. وهذا يسقط شبهة السائل لأنها مبنية على توهمه أن المؤمن يعلم بالفراسة الغيب، ولا يخفى معها عليه علم باطن 3، وذلك فاسد لم يتضمنه الخبر بصريحه، ولا أفاده بدليل منه [عليه] 4.
فصل. مع أن آدم عليه السلام قد تفرس في إبليس 5 المكر والخديعة، فحذره حتى أقسم له بالله عز وجل فاشتبه عليه أمره بالقسم، قال الله تعالى: * (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين. فدلاهما بغرور) * 6 وليس يمتنع أن يرجع الانسان عما قوي في ظنه بشبهة تعرض 7 له في ذلك، وهو على صورته التي خلق عليها فيصدق ظنه فيه بتفرسه، وإنما شاهده على غيرها فالتبس الأمر عليه لذلك، مع أنا لا نعلم أن آدم عليه السلام رأى إبليس بعينه في حال غوايته، ولا ينكر أن يكون وصلت إليه وسوسته 8 مع احتجابه عنه، كما تصل وسوسته 8 إلى بني آدم من حيث لا يرونه، فلا يكون حينئذ لآدم 9 فراسة لإبليس لم تصدق على ما ظنه السائل وتخيله في معناه. والخبر الذي جاء أنه 10 تصور لآدم 11 في صورة شاهده عليها، خبر شاذ يتعلق به أهل الحشو، وما كان ذلك سبيله فهو مطروح عند العلماء.

1 - حش، رض: زكيا.
2 - في الأصل وحش: في، صححناها على باقي النسخ.
3 - حش: عليه ناظر. مر، رض 2: عليه ما ظن.
4 - أثبتناها عن باقي النسخ.
5 - رض: + لعنه الله.
6 - سورة الأعراف (7): 21 و 22.
7 - رض، مل: تعترض.
8 - حش: وسوسة.
9 - حش، رض، مل: + عليه السلام.
10 - رض: فيه تصور.
11 - رض: + عليه السلام.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»