والملأ الأعلى هم الملائكة فبم 1 اختصموا؟
والجواب - وبالله التوفيق -: أن الله أخبر عن نبيه صلى الله عليه وآله أنه لم يكن له علم بذلك 3 وأنه طوى عنه علمه، فالسؤال لنا عن ذلك إعنات، وتكلفنا الجواب عنه ضلالة 3، وما رأيت أعجب ممن يسأل رعايا الأنبياء عما طوى عن أنبيائهم ويكلفهم الإخبار عما لم يخبروا به، وليس كل أمر حدث فقد أوحى الله به إلى الأنبياء عليهم السلام ولا كل معلوم له قد أعلمهم إياه، وليس يمتنع أن يطوي عنهم علم كثير من معلوماته 4، ويعلم أن ذلك أصلح لهم في التدبير، وغير منكر أيضا أن يطلعهم على شئ ويكلفهم ستره عن غيرهم، فسؤال هذا السائل عما أخبر نبي الهدى صلى الله عليه وآله 5 بأنه لا علم له به، ضلال عن الحق، وعدول عن طريق الهدى، وتكليف بممتنع 6 لا يحسن من حكيم تكليفه.
فصل. مع أنه قد روي في الحديث أن الله تعالى أعلم نبيه من بعد فيما اختصوا به، وهو أنهم اختصموا في الدرجات بالأعمال والتفاوت 7 فيها. فكانت 8 طائفة منهم تظن في ذلك شيئا، وتخالفها الأخرى فيه، فبين الله لهم الحق في ذلك فأجمعوا عليه، وهذا خبر وإن كان مرويا فليس مما يقطع به، والله أعلم.
المسألة الثانية والثلاثون وسأل عن قوله تعالى: * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال