قال الله تعالى في سورة الأعراف: {قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين * قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون} (1).
فبشرهم بصبرهم على أذى الكافرين بميراث أرضهم، والملك لديارهم من بعدهم، والاستخلاف على نعمتهم، ولم يرد بشئ من ذلك تمليكهم مقام النبوة والإمامة على سائر الأمة، بل أراد ما بيناه.
ونظير هذا الاستخلاف من الله سبحانه لعباده، ومما هو في معناه، قوله جل اسمه في سورة الأنعام: {وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين} (2) وليس هذا الاستخلاف من الإمامة وخلافة النبوة في شئ وإنما هو ما قدمنا ذكره ووصفناه.
وقوله تعالى: {ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} (3) فإنما أراد بذلك تبقيتهم (4) بعد هلاك الماضين، وتوريثهم ما كانوا فيه من النعم، فجعله (5) من مننه عليهم ولطفه بهم