معروفا عند أهل زمانهما كما ذكرتموه، لوجب أن تأتي به الأخبار وترويه نقلة السير والآثار، بل وجب أن يظهر على حد يوجب علم اليقين والاضطرار، ويزيل الريب فيه حتى لا يختلف في صحته اثنان، لأن جميع الدواعي إلى انتشار فضائل الرجال متوفرة، في نقل ما كان لهذين الرجلين مما يقتضي التعظيم، لمن وجد لهما، والأخبار بها.
ألا ترى أنهما كانا أميري الناس، وحصلت لهما القدرة على الكافة والسلطان، وكان المظهر لولايتهما في زمانهما ومن بعد إلى هذه الحال هو الظاهر على عدوه، المتوصل به إلى ما يصلح به الأحوال، والمظهر لعداوتهما مهدور الدم، أو خائف مطرود عن البلاد، والمظنون به من الافصاح ببغضهما مبعد عن الدنيا، مستخف باعتقاده عند الجمهور، متوقع منهم ما يخافه ويحذره، حتى صار القتل مسنونا لمن أظهر ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، وإن كان مظهرا لمحبة أبي بكر وعمر، متدينا بها على الاعتقاد، وحتى جعل بنو أمية الامتحان بالبراءة من أمير المؤمنين عليه السلام طريقا إلى استبراء الناس في اعتقاد إمامة من تقدمه، وكل من امتنع من البراءة حكموا عليه بعداوة الشيخين، والبراءة من عثمان، ومن تبرأ من أمير المؤمنين عليه السلام حكموا له باعتقاد السنة، وولاية أبي بكر وعمر وعثمان.
ونال أكثر أهل الدنيا مما تمنوه منها (1) من القضاء والشهادات