فصل على أن مسطحا، وإن كان من بني عبد مناف، فإنه ابن خالة أبي بكر، لأن أمه أثاثة بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم، وكان أبو بكر يمونه لرحمه منه، دون حقه بالهجرة والإيمان، فلما كان منه من أمر عائشة ما كان امتنع من عيلولته وجفاه، وقطع رحمه غيظا عليه وبغضا له، فنهاه الله تعالى عن ذلك، وأمره بالعود إلى بره، وأخبره بوجوب ذلك عليه لهجرته وقرابته من النبي صلى الله عليه وآله، ودل بما أنزله فيه على خطئه في حقوقه وقطيعته من استحقاقه لضد ذلك بإيمانه وطاعته لله تعالى وحسن طريقته، فأين يخرج من هذا فضل بأبي بكر؟! إلا أن تكون المثالب مناقب، والذم مدحا، والقبيح حسنا، والباطل حقا، وهذا نهاية الجهل والفساد.
فصل ويؤكد ذلك أن الله عز وجل رغب للنهي عن قطيعة من سماه في صلته في المغفرة إذا انتهى عما نهاه عنه، وصار إلى مثل (1) ما أمره به، حيث يقول: {ألا تحبون أن يغفر الله لكم} (2).
فلولا أنه كان مستحقا للعقاب لما جعل المغفرة له بشرط الانتقال، وإذا لم تتضمن الآية انتقاله مع ما دلت عليه، قبحت حاله