يحتاج أن يتوقى من المزاحمة (1)، ثم يدخل (2) فيجلس في مرتبته التي جعلت له، فإذا أراد الخروج قام البوابون وقالوا: هاتوا دابة أبي محمد. فسكن صياح الناس وصهيل الخيل، وتفرقت الدواب حتى يركب ويمضي.
وقال الشاكري: واستدعاه يوما الخليفة، فشق ذلك عليه، وخاف أن يكون قد سعى به إليه بعض من يحسده من العلويين والهاشميين على مرتبته، فركب ومضى إليه.
فلما حصل في الدار قيل له: إن الخليفة قد قام، ولكن اجلس في مرتبتك وانصرف.
قال: فانصرف وجاء (3) إلى سوق الدواب، وفيها من الضجة والمصادمة واختلاف الناس شئ كثير، قال: فلما دخل إليها سكنت الضجة بدخوله (4)، وهدأت الدواب، فجلس إلى نخاس كان يشتري له الدواب، فجئ له بفرس كبوس لا يقدر أحد أن يدنو منه، فباعوه إياه بوكس فقال لي: يا محمد، قم فاطرح السرج عليه فقمت وعلمت (5) أنه لا يقول لي إلا ما لا يؤذيني، فحللت الحزام، وطرحت السرج عليه، فهدأ ولم يتحرك. وجئت لأمضي به، فجاء النخاس فقال: ليس يباع. فقال لي:
سلمه (6) إليهم، قال: فجاء النخاس ليأخذه فالتفت إليه التفاتة، ذهب (7) منه منهزما.
قال: وركب، فمضينا، فلحقنا النخاس وقال: صاحبه يقول: أشفقت من أن يرده، فإن كان قد علم ما فيه من الكبس فليشتره. فقال له أستاذي: قد علمت. فقال:
قد بعتك. فقال لي: خذه. فأخذته، قال: فجئت به إلى الإصطبل، فما تحرك ولا آذاني، ببركة أستاذي، فلما نزل جاء إليه فأخذ بإذنه اليمنى فرقاه، ثم أخذ بإذنه اليسرى فرقاه، قال: فوالله، لقد كنت أطرح الشعير له، فافرقه بين يديه، فلا يتحرك، هذا