فاتصل قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) به، فتاب وأناب، وأقبل إلى طاعة الله (عز وجل)، ولم يأت عليه سبعة أيام حتى أغير على سرح المدينة، فوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أثرهم جماعة ذلك أحدهم فاستشهد فيهم.
قال الإمام محمد بن علي الجواد (عليهما السلام): وعظم الله (تعالى) البركة في البلاد (1) بدعاء الرضا (عليه السلام)، وقد كان للمأمون من يريد أن يكون هو ولي عهده دون الرضا (عليه السلام)، وحساد كانوا بحضرة المأمون للرضا (عليه السلام) (2)، فقال للمأمون بعض أولئك: يا أمير المؤمنين، أعيذك بالله أن تكون تاريخ (3) الخلفاء في إخراجك هذا الأمر الشريف والفخر العظيم من بيت ولد العباس إلى بيت ولد علي، لقد أعنت على نفسك وأهلك، جئت بهذا الساحر ولد السحرة، وقد كان خاملا فأظهرته، ومتضعا فرفعته، ومنسيا فذكرت به، ومستخفيا فنوهت به، قد ملا الدنيا مخرقة (4) وتشوفا (5) بهذا المطر الوارد عند دعائه، ما أخوفني أن يخرج هذا الأمر من ولد العباس إلى ولد علي، بل ما أخوفني أن يتوصل بسحره إلى إزالة نعمتك والتوثب على مملكتك، هل جنى أحد على نفسه ومملكته مثل جنايتك؟!
فقال المأمون: قد كان هذا الرجل مستترا عنا، يدعو الناس إلى نفسه، فأردنا أن نجعله ولي عهدنا، ليكون دعاؤه إلينا، وليعرف أن الملك والخلافة لنا، وليعتقد فيه المعتقدون أنه ليس مما ادعى لنفسه في قليل ولا كثير، وأن هذا الأمر لنا دونه، وقد خشينا إن تركناه على تلك الحالة أن ينشق (6) علينا منه ما لا نقدر على سده، وأن يأتي علينا ما لا طاقة لنا به، والآن فإذ قد فعلنا به ما فعلنا، وأخطأنا من أمره بما قد أخطأنا،