فتأملوا بعد هذا ما يدعيه المبطلون، وتفتخر به الطائفة البائنة ((1)) المبتدعة من أن الذي هذا وصفه وهذه حاله ومنزلته من الله جل وعز، هو صاحبهم ومن الذي يدعون له فإنه بحيث هو في أربعمائة ألف عنان ((2))، وأن في داره أربعة آلاف خادم رومي وصقالبي ((3))، وانظروا هل سمعتم أو رأيتم أو بلغكم عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) أن القائم بالحق هذه صفته التي يوصفونه بها؟
وإنه يظهر ويقوم بعد ظهوره بحيث هو في هذه السنين الطويلة ((4)) وهو في هذه العدة العظيمة يناقفه أبو يزيد الأموي، فمرة يظهر عليه ويهزمه، ومرة يظهر هو على أبي يزيد، ويقيم بعد ظهوره وقوته وانتشار أمره بالمغرب، والدنيا على ما هي عليه؟
فإنكم تعلمون بعقولكم إذا سلمت من الدخل، وتمييزكم إذا صفا من الهوى، إن الله قد أبعد من هذه حاله عن أن يكون القائم لله بحقه، والناصر لدينه، والخليفة في أرضه، والمجدد لشريعة نبيه (صلى الله عليه وآله)، نعوذ بالله من العمى والبكم والحيرة والصمم، فإن هذه لصفة مباينة لصفة خليفة الرحمن، الظاهر على جميع الأديان، والمنصور على الإنس والجان، المخصوص بالعلم والبيان، وحفظ علوم القرآن والفرقان، ومعرفة التنزيل والتأويل، والمحكم والمتشابه، والخاص والعام، والظاهر والباطن، وسائر معاني القرآن الكريم وتفاسيره وتصاريفه، ودقائق علومه، وغوامض أسراره، وعظام أسماء الله التي فيه، ومن يقول جعفر بن محمد