المشايخ وأثبتهم.
ورابعا: إن عد موافق الكتاب والسنة من أسباب الصحة عندهم غريب، لا يوافقه ديدنهم في تصحيح الخبر ورده، وتصحيح الكتاب وطرحه، وإنما هو من المرجحات بعد الفراغ عن الحجية، ومن أسباب التميز كما هو صريح الكليني، فإنه قال بعد كلامه الذي قدمنا نقله:
واعلم يا أخي - أرشدك الله - أنه لا يسع أحدا تمييز شئ مما اختلفت الرواية فيه عن العلماء (عليهم السلام) برأيه، إلا على ما أطلقه العالم (عليه السلام) بقوله: أعرضوا على كتاب الله، فما وافق كتاب الله (جل وعن فخذوه، وما خالف كتاب الله فردوه.
وقوله (عليه السلام): دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم.
وقوله (عليه السلام): خذوا بالمجمع عليه، فإن المجمع عليه لا ريب فيه، ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله، ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع، من رد علم ذلك كله إلى العالم (عليه السلام) وقبول ما وسع من الامر بقوله (عليه السلام): بأيهما أخذتم من باب التسليم وسعكم، انتهى (1).
فلو كان غرضه تمييز الصحيح عن غيره، لكان عليه ذكر الوثاقة وهي أعظم أسباب الصحة وأكثرها، وأسهلها تحصيلا عندهم، ثم كيف يأخذ باخبار التخيير؟ وهل هو إلا بين الحجتين؟! فلو فرضنا أن الموافقة عند القدماء من القرائن، فلا بد من استثناء الكليني عنهم في هذا الكتاب، لاعترافه بإعراضه عنها، لما ذكره مع ذكره فيه الأخبار الصحيحة - حسب اعتقاده - للعمل بها، فلا بد وأن تكون صحتها من غير جهتها.
مع أن بعد التأمل في كلماتهم يظهر أنه لا أصل لهذا الاحتمال.