خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٣ - الصفحة ٤٧٦
وقد ذكروا في ترجمة جماعة أنه صحيح الحديث، والصحيح عند القدماء وإن كان أعم منه عند المتأخرين (1)، وأسباب اتصاف الحديث عندهم بالصحة أكثر منها عند هؤلاء، ككونه في أصل، أو تكرر سنده، ووجوده في كتاب معروض على أحدهم (عليهم السلام) واشتهاره ومطابقته لدليل قطعي، وغير ذلك من الأمور الخارجية. ومنها: الوثاقة، والتثبت، والضبط، من الأمور الداخلية، والحالات النفسانية للراوي، التي هي ميزان الصحة عند المتأخرين، والموثقية، فلا يدل قولهم: صحيح الحديث على مدح في الراوي، فضلا عن عدالته ووثاقته على ما يقتضيه بادئ النظر.
ولكن المتأمل المنصف يعلم أن الحكم بصحة حديث فلان، من دون الإضافة إلى كتابه لا يصح أن يكون لأجل الأمور الخارجية، المتوقفة على الوقوف على كل ما رواه، ودونه، وعرضه عليها. ودونه خرط القتاد، بل لابد وأن يكون لما علم من حاله، وعرف من سيرته وطريقته، من الوثاقة، والتثبت، والضبط، والبناء على نقل الصحيح من هذه الجهة، وهذا مدح عظيم، وتوثيق بالمعنى الأعم، فأحاديثه حجة عند كل من ذهب إلى حجية كل خبر وثق بصدوره، واطمئن بوروده إذا حصل الوثوق، واطمئنان القلب من حسن الظاهر، وصلاح ظاهر الحال، كما هو الحق، وعليه المحققون، ويأتي إن شاء الله تعالى مزيد توضيح لهذا الكلام.
إلى غير ذلك مما قالوه في ترجمة جماعة من الرواة وأرباب المصنفات، فإذا كان أبو جعفر الكليني (رحمه الله) أوثقهم وأثبتهم في الحديث، فلا بد وأن يكون

(1) يقصد بالمتأخرين الذين صنفوا الحديث إلى الأصناف الأربعة (الصحيح، الحسن، الموثق أو القوي، الضعيف) وهم العلامة الحلي وشيخه ابن طاووس ومن جاء بعدهما، اما أئمة الحديث الثلاثة (الكليني، الصدوق، الطوسي) فقد جروا على ما اعتاد عليه القدماء في أوصاف الحديث بالصحة، كالذي بينه المصنف، فلاحظ.
(٤٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 ... » »»