خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٣ - الصفحة ٤٩١
توضيحه: إن السائل سأله أن يجمع له الأخبار الصحيحة، مما يتعلق بأمور الدين، فألف له ولسائر إخوانه في الدين هذا الكتاب، لينتفع به إلى يوم القيامة، وصرح بأنه في هذا المقام لم يقصر نيته في إهداء النصيحة الواجبة عليه لإخوانه، والنصيحة لهم في هذا المقام أن يكون باذلا جهده، وكادحا سعيه، حسب ما يقدر عليه، وعنده من الأسباب في هذا الجمع، فيجمع في جامعه ما يحتاجون إليه في أمور دينهم، ويكون بحيث ينتفعون به، ولا ينتفعون به إلا بعد كون ما جمعه صحيحا، لعدم جواز الانتفاع في أمور الدين بالضعاف عندهم.
فنقول: إنه (رحمه الله) حين الجمع والتأليف لهذا المقصد العظيم، اما كان عنده من أسباب إتمام هذا المرام، من الأصول والكتب المعروضة والمعتمدة المعول عليها وأخبار الثقات ما يتم به المقصود أو لا، ولا أظن أحدا يحتمل في حقه الثاني، فإن تمام الأصول كان عند أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، وكان يروي تمامها بطرقه كما صرحوا به في ترجمته، وهو من رجاله وتلامذته، وكان أكثرها عند الفقيه الثقة حميد بن زياد - شيخه المعاصر له - وغيرهما، فكيف به وهو جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، شيخ الطائفة ومرجعها، القاطن في مركز العلم، ومجمع الرواة بغداد، القريب من عديلتها في ذلك الكوفة، وقرب عصره بعصر الأئمة (عليهم السلام) وأرباب الأصول.
وبالجملة فاحتمال عدم تمكنه يعد من الوسواس الذي ينبغي الاستعاذة منه.
وعلى الأول: فإما أن يقال: بأنه كان عارفا بصحيح الاخبار، وضعيفها، وسليمها، وسقيمها، عالما بالأصول والكتب المعتمدة، مميزا لها من غيرها، ناقدا للرواة، بصيرا بالرجال، غير مشتبه عليه مزكيها بمجروحها، وثقتها بضعيفها، صدوقها بكذوبها، ثبتها بمخلطها، أولا.
(٤٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 ... » »»