خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٣ - الصفحة ٤٧٩
وظاهر أن ذكره لمدة تأليف الكافي لبيان أثبتيته، وأنه لم يكن غرضه مجرد جمع شتات الاخبار، فإنه لا يحتاج إلى هذه المدة الطويلة، بل ولا إلى عشرها، بل جمع الأحاديث المعتبرة، المعتمدة، الموثوق بها، وهذا يحتاج إلى هذه المدة، لاحتياجه إلى جمع الأصول والكتب المعتبرة، واتصالها إلى أربابها بالطرق المعتبرة، والنظر في متونها، وتصحيحها وتنقيحها، وغير ذلك مما يحتاج إليه الناقد البصير، العالم الثقة، الذي يريد تأليف ما يستغني به الشيعة في الأصول والفروع إلى يوم القيامة، هذا غرضه وإرادته، وهذا تصديق النقدة ومهرة الفن، وحملة الدين، وتصريحهم بحصول الغرض ووقوعه.
ويظهر من أوثقيته وأثبتيته أيضا أنه مبرم عن كل ما قدح به الرواة، وضعفوا به من حيث الرواية، كالرواية عن الضعفاء والمجاهيل، وعمن لم يلقه، وسوء الضبط، واضطراب ألفاظ الحديث، والاعتماد على المراسيل التي لم يتحقق وثاقة الساقط عنده، وأمثال ذلك مما لا ينافي العدالة، ولا يجتمع مع التثبت والوثاقة.
وإذا تأملت فيما ذكرناه، وما مر في ترجمة الشيخ النجاشي، من حال أمثاله، في شدة احتياطهم في أخذ الخبر، وتلقيه عن كل أحد تعرف أن النظر في حال مشايخ ثقة الاسلام، واحتمال تلقيه عن ضعيف أو مجهول، ينافي أوثقيته وأثبتيته بنص النجاشي والعلامة، ويوجب تأخره قدرا عن جماعة نزهوا مروياتهم عن التدنس بهذه الذموم، كما مر، وتأخر كتابه رتبة عن كتب لا ينظر إلى أسانيد أحاديثها، مع أنه أجل كتب الشيعة.
وهكذا الكلام في مشايخ مشايخه لما ذكر.
ولا يخفى أن الظن بل الوثوق الحاصل بأحاديث الكافي من هذه القرينة من الظنون الرجالية المعتبرة عندهم، كما يظهر من عملهم في الفقه والرجال، وليس من الأمور الخارجية الغير المربوطة بحال الراوي وصفاته، مما لا دليل على
(٤٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 ... » »»