خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٣ - الصفحة ٤٧٧
جامعا لكل ما مدح به آحادهم من جهة الرواية، ولا يقصر نفسا، ولا حالا ورواية عنهم، فلو روى عن مجهول أو ضعيف ممن يترك روايته، أو خبرا يحتاج إلى النظر في سنده، لم يكن أوثقهم وأثبتهم، فإن كل ما قيل في حق الجماعة من المدائح والأوصاف المتعلقة بالسند يرجع إليهما، فإن قيس مع البزنطي وأضرابه، وجعفر بن بشر، فلا بد وأن يحكم بوثاقة مشايخه، وإن قيس مع الطاطري وأصحاب الاجماع فلا مناص من الحكم بصحة حديثه، بالمعنى الذي ذكرناه، وإنه لم يودع في كتابه إلا ما تلقاه من الموثوقين بهم وبرواياتهم، وبذلك يصح إطلاق الحجة عليه، كما مدح بهذه الكلمة بعضهم، وعدوها من الألفاظ الصريحة في التوثيق، وقالوا: إن المراد منها أنه ممن يحتج (1) بحديثه.
قال المحقق الكاظمي في عدته: إن هذه الكلمة صارت بين أهل هذا الشأن تدل على علو المكان، لما في التسمية باسم المصدر من المبالغة، كأنه صار من شدة الوثوق، وتمام الاعتماد، هو الحجة بنفسه، وإن كان الاحتجاج بحديثه (2)، انتهى.
وكذا يظهر صحة ما قاله الشيخ المفيد في مدح الكافي: إنه أجل كتب الشيعة، وأكثرها فائدة (3).
فإن أكثرية الفائدة لجامعيته، لما يتعلق بالأصول، والاخلاق، والفروع، والمواعظ، واما الأجلية فلا بد وأن تكون من جهة الاعتبار والاعتماد، وقد كان تمام الأصول موجودا في عصره، كما يظهر من ترجمة أبي محمد هارون بن موسى

(1) الفرق بين قولهم: (حجة في الحديث) و (يحتج بحديثه) هو كون الأول يدل على التعديل لما فيه من مبالغة في الثناء والتوثيق، والثاني ليس فيه ذلك.
انظر: الدراية للشهيد الثاني: 76.
(2) العدة للكاظمي: 18 / ب.
(3) تصحيح الاعتقاد: 55.
(٤٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 ... » »»