خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٣ - الصفحة ١٤٩
وثانيها: ما علم من تشعب علوم الشيخ، وكثرة فنونه ومشاغله تصانيفه في الفقه والكلام والتفسير وغيرها، ما يقتضي تقسم الفكر، وتوزع البال، ولذا أكثر عليه النقض والايراد والنقد والانتقاد في الرجال وغيره، بخلاف النجاشي فإنه عني بهذا الفن فجاء كتابه فيه أضبط وأتقن.
وثالثها: استمداد هذا العلم من علم الأنساب والآثار، وأخبار القبائل والأمصار، وهذا ما عرف للنجاشي ودل عليه تصنيفه فيه واطلاعه عليه، كما يظهر من استطراده بذكر الرجل لذكر أولاده وإخوانه وأجداده، وبيان أحوالهم ومنازلهم حتى كأنه واحد منهم.
ورابعها. أن أكثر الرواة عن الأئمة عليهم السلام كانوا من أهل الكوفة ونواحيها القريبة، والنجاشي كوفي من وجوه أهل الكوفة، من بيت معروف مرجوع إليهم، وظاهر الحال أنه أخبر بأحوال أهله وبلده ومنشأه، وفي المثل:
(أهل مكة أدرى بشعابها).
وخامسها: ما اتفق للنجاشي من صحبة الشيخ الجليل العارف بهذا الفن، الخبير بهذا الشأن، أبي الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري، فإنه كان خصيصا به، صحبه وشاركه، وقرأ عليه، وأخذ منه، ونقل عنه مما سمعه أو وجده بخطه كما علم، ولم يتفق ذلك للشيخ (رحمه الله)، فإنه ذكر في أول الفهرست أنه رأى شيوخ طائفتنا من أصحاب الحديث عملوا فهرست كتب أصحابنا، وما صنفوه من التصانيف، ورووه من الأصول، ولم يجد من استوفى ذلك أو ذكر أكثره إلا ما كان قصده أبو الحسين أحمد بن الحسين ابن عبيد الله (رحمه الله) فإنه عمل كتابين ذكر في أحدهما المصنفات، وفي الاخر الأصول.
قال: غير أن هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا، واخترم هو، وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكاه
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»