الأوائل، لا سيما في الأرصاد والمجسطي، فإنه فاق الكبار، قرأ على المعين سالم ابن بدران المعتزلي الرافضي وغيره. وكان ذا حرمة وافرة عند هولاكو، وكان يطيعه فيما يشير به عليه، والأموال في تصرفه، وابتنى بمراغة قبة ورصدا " عظيما "، واتخذ في ذلك خزانة عظيمة فسيحة الأرجاء، وملأها من الكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة، حتى تجمع فيها زيادة على أربعمائة ألف مجلد. وقرر بالرصد المنجمين والفلاسفة، وجعل له الأوقاف وكان حسن الصورة، سمحا " كريما " جوادا " حليما "، حسن العشرة، عزيز الفضل.
إلى أن قال: ومما وقف له عليه أن ورقة حضرت إليه من شخص من جملة ما فيها: يا كلب بن كلب.
فكان الجواب: أما قولك (يا كذا) فليس بصحيح، لأن الكلب من ذوات الأربع، وهو نابح طويل الأظفار، وأما أنا فمنتصب القامة بادي البشرة عريض الأظفار ناطق ضاحك، فهذه الفصول والخواص غير تلك الفصول والخواص. وأطال في نقض كلما قاله. هكذا رد عليه بحسن طوية وتأن غير منزعج، ولم يقل في الجواب كلمة قبيحة.
إلى أن قال: وكان للمسلمين به نفع خصوصا " الشيعة والعلويين والحكماء وغيرهم، وكان يبرهم ويقضي أشغالهم، ويحمي أوقافهم، وكان مع هذا كله فيه تواضع وحسن ملتقى. إلى أخر ما قال (1).
هذا وقال الفاضل النقاد قطب الدين الأشكوري اللاهيجي، في كتاب محبوب القلوب، في ترجمته: كان فاضلا " محققا "، ذلت رقاب الأفاضل من المخالف والمؤالف في خدمته لدرك المطالب المعقولة والمنقولة، وخضعت جباه الفحول في عتبته لأخذ المسائل الفروعية والأصولية، وصنف كتبا " ورسائل نافعة