الأول. إنه لم يخالف في موضع منها إلا لما ساقه الدليل، من ظاهر كتاب أو سنة، ولم يتمسك في موضع بالقياس، والاستحسان، والاعتبارات العقلية، والمناطات الظنية، ولم يبلغ اجتماع الاخبار في عصره إلى حد يقف عليه كل مؤلف مستنبط، فيسهل عليه معرفة مشهورها، وآحادها، وشواذها، ونوادرها، وربما كان ما تمسك به أكثر مما ذكره واطلعنا عليه، وذهب فيما ذهب مما لم يصل إلينا.
وقال هو رحمه البعد مسائل الشك واليقين، في الوضوء والحدث:
فهذا هو الثابت مما روينا في هذا الباب، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وعن الأئمة الطاهرين من ذريته عليهم السلام دون ما اختلف فيه عنهم عليهم السلام، وعلى ذلك تجري أبواب كتابنا هذا إن شاء الله لما قصدنا فيه من الاختصار وإلا فقد كان ينبغي لنا أن نذكر كل ما اختلف الرواة فيه عنهم عليهم السلام، وندل على الثابت مما اختلفوا بالحجج الواضحة، والبراهين اللائحة، وقد ذكرنا ذلك في كتاب غير هذا كثير الاجزاء، لكن تعظم المؤونة فيه، وبثقل أمره على طالبيه، وهذا لبابه ومحضه والثابت منه، ولولا ما وصفناه أيضا من التطويل بلا فائدة، لذكرنا قول كل قائل من العامة يوافق ما قلنا وذهبنا إليه، وقول من خالف ذلك والحجة عليه، ولكن هذا يكثر ويطول ولا فائدة فيه، لان الله بحمده قد أظهر أمر أوليائه وأعز دينه، وجعل الاحكام على ما حكموا به وذهبوا إليه، والدين على ما عرفوه ودلوا عليه، فهم حجج الله على الخلق أجمعين (1)، إنتهى.
وما ذكرنا هو الوجه فيما نسب إلى القدماء المقاربين عصره، مما لا ريب في جلالتهم، من الأقوال النادرة، حتى من مثل يونس بن عبد الرحمن، وفضل