ابن شاذان، فلا تغفل.
الثاني: إنه لم تكن الاحكام في تلك الاعصار بين فقهاء أصحابنا منقحة متميزة، يتبين لكل أحد المجمع عليه منها من غيره، والمشهور منها عما سواه، وهذا باب لو دخلنا فيه أخرجنا من وضع الكتاب، ولعله غير خفي على البصير النقاد، ومعه لا طعن على من ساقه الدليل إلى ما خالف فيه أصحابه.
مع أن الشيخ المفيد قدس سره قال في المقالات: ولم يوحشني من خالف فيه، إذ بالحجة لي أتم أنس، ولا وحشة من حق (1).
وقال السيد المرتضى رضي الله عنه في بعض رسائله: لا يوجب أن يوحش من المذهب قلة الذاهب إليه والعاثر عليه، بل ينبغي أن لا يوحش منه إلا ما لا دلالة له تعضده، ولا حجة تعمده.
الثالث: إنه ما خالف في فرع غالبا إلا ومعه موافق معروف، ولولا خوف الإطالة لذكرنا نبذة من ذلك، نعم في مسألة المتعة لا موافق له، إلا أن بعد التأمل ظهر لي أنه ذكر ذلك على غير وجه الاعتقاد، وإن استند للحرمة إلى أخبار رواها تقية أو تحببا إلى أهل بلاده، فإنها عندهم من المنكرات العظيمة، والشاهد على ذلك، مضافا إلى بعد خفاء حليتها عند الإمامية عليه، أنه ذكر في كتاب الطلاق في باب إحلال المطلقة ثلاثا ما لفظه: وعنه - يعني جعفر بن محمد عليهما السلام - أنه قال: (من طلق امرأته (أي ثلاثا) (2) فتزوجت تزويج متعة، لم يحلها ذلك له) (3).
ولولا جوازها وعدم كونها الزنا المحض، لم يكن ليوردها في مقام ما اختاره من الأحكام الثابتة عنهم، بالأثر الصحيح، وهذا ظاهر والحمد لله.