وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٠٤
بل كانوا يحترزون عن مجالستهم، والتكلم معهم فضلا عن أخذ الحديث عنهم.
بل كان تظاهرهم بالعداوة لهم أشد من تظاهرهم بها للعامة، فإنهم كانوا يتاقون العامة، ويجالسونهم وينقلون عنهم، ويظهرون لهم أنهم منهم، خوفا من شوكتهم، لأن حكام الضلال منهم.
وأما هؤلاء المخذولون: فلم يكن لأصحابنا الإمامية ضرورة داعية إلى أن يسلكوا معهم على ذلك المنوال، وخصوصا: الواقفة (1)، فإن الإمامية كانوا في غاية الاجتناب لهم، والتباعد عنهم، حتى أنهم كانوا يسمونهم (الممطورة) أي الكلاب التي أصابها المطر.
وأئمتنا عليهم السلام كانوا ينهون شيعتهم عن مجالستهم ومخالطتهم، ويأمرونهم بالدعاء عليهم في الصلاة، ويقولون: إنهم كفار، مشركون، زنادقة، وأنهم شر من النواصب وأن من خالطهم فهو منهم.
وكتب أصحابنا مملوءة بذلك، كما يظهر لمن تصفح كتاب (الكشي) وغيره.
فإذا قبل علماؤنا - وسيما المتأخرون منهم - رواية رواها رجل من ثقات الإمامية، عن أحد من هؤلاء وعولوا عليها وقالوا بصحتها، مع علمهم بحاله، فقبولهم لها وقولهم بصحتها، لابد من ابتنائه على وجه صحيح، لا يتطرق به القدح إليهم ولا إلى ذلك الرجل الثقة الراوي عن من هذا حاله.
كأن يكون سماعه منه قبل عدوله عن الحق وقوله بالوقف.
أو بعد توبته، ورجوعه إلى الحق.
أو أن النقل إنما وقع من أصله الذي ألفه واشتهر عنه قبل الوقف.

(1) كذا الصحيح وكان في كتابنا والمصدر: (الواقفية) وهو غلط، إذ الفعل هو الوقف، والفاعل:
واقف، وجمعه: الواقفة.
(٢٠٤)
مفاتيح البحث: الضلال (1)، الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست