يقارن ما يفيد العلم به دل على كذب المدعي، والأثارة من العلم: بقية منه، وينبغي أن يعلم أن هذه الآية نزلت لإلزام المشركين القائلين بتعدد الآلهة نقلا لعدم ما يقتضي صحة قولهم في كتاب قبل هذا القرآن إذ هو ناطق بالتوحيد ولا في بقية من علم الأولين لأنه ليس في شيء منهما ما يدل على صدق مقالتهم واستحقاق آلهتهم للعبادة بعدما ألزمهم عقلا بقوله جل شأنه (قل أرأيتم ما تدعون من دون الله ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات) فأبطل قولهم بأنه ليس لآلهتهم مدخل في خلق شيء من أجزاء العالم حتى تستحق العبادة به، وقد سلك (عليه السلام) هذه الطريقة في إلزام من ادعى أن الجفر عنده حيث ألزمهم أولا بالمقدمات العقلية، وثانيا بعدم ما يدل على صحة قولهم نقلا، ثم ينبغي أن يعلم أن ما نقله (عليه السلام) من الآية نقل بالمعني وإلا فالآية هكذا (إيتوني بكتاب).
* الأصل:
5 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة قال:
سأل أبا عبد الله (عليه السلام) بعض أصحابنا عن الجفر فقال: هو جلد ثور مملوء علما، قال له: فالجامعة؟
قال: تلك صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم مثل فخذ الفالج، فيها كل ما يحتاج الناس إليه، وليس من قضية إلا وهي فيها حتى أرش الخدش، قال: فمصحف فاطمة (عليها السلام)؟ قال: فسكت طويلا، ثم قال: إنكم لتبحثون عما تريدون وعما لا تريدون إن فاطمة مكثت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) خمسة وسبعين يوما وكان دخلها حزن شديد على أبيها وكان جبرئيل (عليه السلام) يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها، ويطيب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي (عليه السلام) يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة (عليه السلام).
* الشرح:
(هو جلد ثور مملوء علما) ليس فيه دلالة على أن العلم مكتوب في الجلد لاحتمال أن يكون مكتوبا في صحيفة مخفوظة فيه.
قوله (في عرض الأديم مثل فخذ الفالج) الأديم: الجلد المدبوغ، وليس فيه دلالة على أن الجامعة أديم بل على أنها في عرضه. والفالج بالفاء والجيم أخيرا: الجمل الضخم ذو السنامين يحمل من السند للفحلة.
قوله (قال: فمصحف فاطمة (عليها السلام)) أي قال: ففسر لنا مصحف فاطمة (عليها السلام) كما فسرت لنا الجامعة أو قال: فمصحف فاطمة (عليها السلام) ما هو؟ فسكت (عليها السلام) سكوتا طويلا يشاور نفسه المقدسة هل يجيبه أم لا، ثم رجح جانب الجواب لئلا يعود إلى السائل غضاضة بتركه فأجابه بعد لومه بقوله إنكم لتبحثون