لواحد من آحاد الناس إذا كان من أهل المعرفة الربانية والرياضة النفسانية فكيف لا تظهر للأئمة الطاهرين الذين هم أنوار روحانيون وعلماء ربانيون، وأيضا بين المؤمن الكامل وبينهم (عليهم السلام) مناسبة تامة حتى كأن جسمه من جسمهم وروحه من روحهم فبتلك المناسبة يعرفون حقيقة إيمانه، وبين المنافق وبينهم منافرة تامة وبتلك لمنافرة يعرفون حقيقة نفاقهم والإيمان عبارة عن التصديق بوجود الصانع وماله من صفات الكمال ونعوت الجلال والإقرار بصدق الرسول (صلى الله عليه وآله) وما جاء به، والنفاق: عبارة عن الإقرار باللسان مع الإنكار بالجنان أو مع تردده وحقيقتها يحتمل وجوها: الأول:
أن الإيمان الحقيقي هو الإيمان المقرون بالعمل والنفاق الحقيقي هو عدم الإيمان أو الإيمان الذي ليس معه عمل. الثاني: أن المراد بالأول الإيمان الثابت المستقر في القلب البالغ حد الملكة، وبالثاني: الإيمان الغير الثابت و هو المتزلزل الذي في معرض التغير والزوال، والثالث: أن المراد بالأول: الإيمان الذي يكون على سبيل الإخلاص وبالثاني: ما لا يكون كذلك والله أعلم.
قوله (وإن شيعتنا لمكتوبون) أي في اللوح المحفوظ أو في مصحف فاطمة (عليها السلام) وهو الذي أخبرها جبرئيل (عليه السلام) بعد موت أبيها إلى زمان وفاتها وكتبه علي (عليه السلام) بيده أو في الجعفر والجامعة على احتمال بعيد بالنظر إلى تفسيرهما.
قوله (أخذ الله علينا وعليهم الميثاق) أخذ الله تعالى على كل من الفريقين عهدا على رعاية حقوق الآخر والحقان ما أشار إليهما أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه يقول: «أيها الناس إن لي عليكم حقا ولكم علي حق أما حقكم علي فالنصيحة وتوفير فيئكم عليكم وتعليمكم كيلا تجهلوا وتأديبكم كيما تعلموا، أما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة والنصيحة في المشهد والمغيب والإجابة حين أدعوكم والطاعة حين آمركم» (1) (عليه السلام) «وتوفر فيئكم عليكم» معناه توفيره بترك الظلم فيه وتفريقه في غير وجوه مما ليس بمصلحة لكم كما فعله من كان قبله.
قوله (ليس على ملة الإسلام غيرنا وغيرهم) أريد بالإسلام الإيمان وقد كثر هذا الإطلاق في لسان الشرع، أو أريد به معناه المعروف وهو الإقرار بالله ورسوله لأن غيرهم غير مقرين بهما بحسب التحقيق كما مر سابقا.
قوله (يردون) أريد بالمورد: الدين الحق أو الحوض، وبالمدخل: الجنة أو مقام الشفاعة. (ونحن النجباء النجاة) في بعض النسخ «نحن» بدون العطف والنجباء بضم النون وفتح الجيم: جمع نجيب وهو كريم بين النجابة كذا في الصحاح، و قال ابن الأثير: النجيب: الفاضل من كل حيوان وقد نجب