مكتومة فأوحاها جل شأنه إلى نبيه وألقاها النبى (صلى الله عليه وآله) إلى أوصيائه (عليهم السلام) ووضعها عندهم.
قوله: (ونحن وديعة الله في عباده) الوديعة: ما تدفعه من المال إلى أحد ليصونه ويحفظه وهم (عليهم السلام) وديعة الله تعالى في عباده على سبيل التشبيه فيجب على العباد حفظهم ورعايتهم وعدم التقصير في حقهم كما يجب ذلك على المستودع وكما أن المستودع يستحق العقوبة والمؤاخذة والاعتراض بالتقصير في الوديعة كذلك العباد يستحقونها بالتقصير في حقهم.
قوله (ونحن حرم الله الأكبر) مادة هذا اللفظ في جميع عباراته تدل على المنع مثل الحرام والتحريم والإحرام والحرمة والحريم والحرم والمحروم وغيرها، وكل ما جعل الله تعالى له حرمة لا يحل إنتهاكه ومنع من كسر تعظيمه وعزه وزجر عن فعله وتركه كأولياء الله وملائكة الله ومكة الله ودين الله وغير ذلك فهو حرم الله الذي وجب على الخلق تعظيمه وعدم هتك عزته وحرمته الأكبر والأشرف والأعظم من الجميع هم الأئمة القائمون مقام النبي كما أن النبي (صلى الله عليه وآله) أكبر من الجميع.
قوله (ونحن ذمة الله) الذمة والذمام بمعنى العهد والضمان والأمان والحرمة والحق، وهم (عليهم السلام) حق الله الذي وجب رعايته على عباده وحرمته التي لا يجوز انتهاكها، وأمانه في عباده وعده عليهم إذ أخذ الله تعالى عهدا من العباد بحفظهم وكالتهم.
قوله (ونحن عهد الله) الذي أمر بالوفاء به ووعد بالثواب عليه بقوله (أوفوا بعهدي أوف بعدكم) والمراد بالعهد: عقد الإمامة لهم في الميثاق أو عقد الربوبية والحمل حينئذ للمبالغة حيث أن قبولهم مستلزم لقبوله وردهم مستلزم لرده فكأنهم نفسه.
قوله (ومن خفرها فقد خفر ذمة الله وعهده) لم يجئ في المغرب والنهاية والصحاح أن الخفر والتخفير بمعنى نقض الذمة والعهد وإنما جاء فيها أن الإخفار بمعناه وأن الخفر بمعنى الوفاء بها، قال في المغرب: خفر بالعهد: وفي به خفارة من باب ضرب وأخفره نقضه إخفارا والهمزة للسلب.
وقال في النهاية: خفرت الرجل اجرته وحفظته، وخفرته إذا كنت له خفيرا أي حاميا وكفيلا وتخفرت به: إذا استجرت به، والخفارة بالكسر والضم: الذمام، وأخفرت إذا نقضت عهده وذمامه والهمزة فيه للإزالة أي أزلت خفارته كأشكيته إذا أزلت شكايته. وقال في الصحاح مثل هذا: ولعل المعنى: من وفى بذمتنا فقد وفى بذمة الله فهذا متعلق بقوله نحن ذمة الله.
وقوله: «فمن وفى بعهدنا» متعلق بقوله «نحن عهد الله» وقد عرفت من تفسير هذين القولين أن الذمة والعهد متغايران هنا وإنما قلنا: لعل لأنه نقل عن القاموس ولم يكن موجودا عندي أنه يقال:
خفر بعهده خفرا وخفورا نقضه وغدره كأخفره. ولو صح هذا النقل فالمعنى من نقض ذمتنا فقد نقض ذمة الله وعهده.