والنصارى وأن الله تعالى أمر قريشا أن يسألوهم ليعلموهم أن الأنبياء السابقين كانوا بشرا وهذا التوهم فاسد لأن قوله تعالى (فاسئلوا) خطاب عام أمر الله تعالى كل من لم يعلم شيئا من اصول الدين وفروعه إلى يوم القيامة بالرجوع إلى أهل الذكر والسؤال عنهم وخصوص السبب لا يخصص عموم الخطاب فلو كان أهل الذكر هم اليهود والنصارى لزم أن يأمر الله سبحانه من لم يعلم من هذه الامة أمرا من امور دينه أن يرجع في تفسيره إلى من يرده عن دينه ويدعوه إلى الدين الباطل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
قوله (ثم قال بيده إلى صدره) أي ضربه بها كما صرح المطرزي في المغرب، أو أشار بها إليه كما صرح به عياض.
* الأصل:
9 - أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: كتبت إلى الرضا (عليه السلام) كتابا فكان في بعض ما كتبت: قال الله عزوجل: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وقال الله عزوجل: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة، فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) فقد فرضت عليهم المسألة، ولم يفرض عليكم الجواب؟ قال: قال الله تبارك وتعالى: (فإن لم يستجيبوا لك فا علم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه).
* الشرح:
قوله: (وما كان المؤمنون) أي ما استقام لهم أن ينفروا كلهم إلى أهل العلم لطلبه، لأن ذلك يوجب اختلال نظام معاشهم فهلا نفر من كل فرقة كثيرة كقبيلة وأهل بلدة طائفة قليلة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم من مخالفة الرب إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون، وفيه دلالة على أن طلب العلم واجب كفائي وعلى أن خبر الواحد حجة لأن الطايفة النافرة قد لا تبلغ حد التواتر وقد أوجب القبول منهم. وفي الآية وجه آخر وهو أنها نزلت في شأن المجاهدين أي ما كان لهم أن ينفروا كافة إلى الجهاد بل يجب أن ينفر من كل فرقة طائفة ليتفقه الباقون ولينذروا قومهم النافرون إذا رجع النافرون إليهم. وفيه أيضا دلالة على أن الجهاد واجب كفائي وعلى أن خبر الواحد حجة إد قد لا تبلغ الباقون حد التواتر.
قوله: (قال: قال الله تعالى فإن لم يستجيبوا لك) أجاب (عليه السلام) بأنه لم يفرض علينا مطلقا لأن السائلين قد لم يستجيبوا لنا ولم يقبلوا منا ولم يقروا بفضلنا فالجواب حينئذ عبث الحكيم لا يفعل عبثا، وأما من استجاب لنا وأقر بفضلنا فالجواب عن سؤاله متعين لأن الحكيم لا يمنع مستحق العلم عنه، وبالجملة يجب رجوع الكل إليهم والسؤال عنهم واجب، وأما الجواب فقد يجب وقد لا يجب.