شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٢٣٦
عندنا يشترط أن يكون الإمام مجتهدا و إن أرادوا أن يكون حافظا للجميع فهو للإجماع على صحة إمامة أبي بكر و عمر و عثمان ولم يكونوا كذلك وقد كان الواحد منهم يسأل غيره عن النصوص الواردة في النازلة، وأيضا لو اشترط ذلك في الإمام لاشترط ذلك في نائبه من قاض وغيره. هذا كلامه، ولا يخفى ما فيه لأن الإجماع على إمامة شيوخهم لم يثبت و قد مر ذلك، وأما ما ذكر من سؤالهم فهو حق دال على جهالتهم والجاهل لا يكون إماما للعالم كما يحكم به العقل الصحيح، وأما النقض بالنائب فليس بشيء إد قد يكون في الأصل ما ليس في الفرع على أنا نقول لا يجوز للنائب أن يحكم برأيه بل يجب عليه الرجوع إلى إمامه.
قوله: (فهو معصوم) عصمة الإمام شرط في صحة إمامته و إلا لم يكن بينه وبين غيره فرق ولم يحصل للرعية وثوق بقوله وفعله وهو مذهب أكثر طوائف الشيعة خلافا للأشعرية والمعتزلة والخوارج وجميع فرق العامة واحتجوا بالإجماع على إمامة أبي بكر وعمر وعثمان مع الإجماع على أنهم لم يكونوا معصومين والإجماع الأول لم يثبت وقد عرفت آنفا حاله إجمالا، وأما التفصيل فليس هذا موضعه.
قوله: (مؤيد) مؤيد: اسم مفعول من الأيد وهو الشدة والقوة يعني جعله الله تعالى ذا قوة في الحرب وآدابه وفى الدين وأحكامه ووفقه للعلم بجميع الخيرات ووجوه مصالحها وسدده للقصد من القول والعمل وقوله «من الخطاء» - بفتح الخاء وقد يمد وهو ضد الصواب، أو بكسرها وهو الذنب والإثم - ناظر إلى المؤيد لأن كما قوته في الدين يمنعه من الخطأ.
وقوله: (والزلل) ناظر إلى الموفق لأن توفيقه للعالم بجميع الخيرات يمنعه من زلة عقله فيه.
وقوله «والعثار» ناظر إلى المسدد لأن تسديده للقول والعمل يمنعه من العثار فيهما (1) والسقوط

١ - قوله: «يمنعه من العثار فيهما» كلام الإمام (عليه السلام) من قوله فهو معصوم مؤيد إلى قوله «والله ذو الفضل العظيم» في متن الحديث تصريح باشتراط العصمة وتعريفها وبيان الدليل على ولم يخالف فيه أحد من الإمامية فهو من الأحاديث المجمع على صحة مضمونها وقد نقل أهل السنة أيضا اشتراط العصمة من مذهب الإمامية والإسماعيلية بل نقله المؤرخون عن الكيسانية في قصة المختار وإنهم كانوا يدعون عصمته، وأما ما ينسب إلى الصدوق من نسبة السهو في الصلاة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وما روى من نسيان زين العابدين (عليه السلام) قراءة الحمد في الصلاة أو أكل الرضا (عليه السلام) البيض التي قومر بها جاهلا ثم تقيأ وما التزم به بعض فقهائنا المتأخرين من أن علم الإمام بالموضوعات غير واجب فيجوز ان لا يعلم انطباق وزن الكر على مساحته مثلا فلا عبرة بجميع ذلك. أما الروايات فلعدم تواترها ولا حجة لغير المتواتر في أصول الدين. وأما قول من لم يتدبر في الأصول الاعتقادية فلا يعتني به فيما لا يتعلق بفنه، وأما قول الصدوق عليه الرحمة فسهو منه وهو أولى بالسهو من النبي (صلى الله عليه وآله) كما أن راوي الخبر وهو ذو اليدين أولى بالسهو من الصدوق رحمه الله إذ ربما يسهو الراوي في فهم ما وقع ونقله لأنه من طبقة العامة، وبالجملة فلا ريب عندنا في اشتراط العصمة واستدل عليه الإمام (عليه السلام) في هذا الحديث بقوله: ليكون حجة على عباده وهو برهان واضح استدل عليه علماؤنا أيضا على وجوب العصمة وذلك لأن من يحتمل خطاؤه عمدا أو سهوا أو نسيانا لم يكن قوله و فعله وتقريره حجة إذ لا يجوز أن يفعل حراما سهوا ولا غضاضة عليه فيه فلا حجة في فعله أو يعمل أحد في محضره عملا لا يلتفت إليه حتى ينهاه فلا يكون تقريره حجة ونعلم أن الشيعة بل جميع المسلمين استدلوا على جواز كثير من الأفعال وصحتها بأن النبي (صلى الله عليه وآله) فعله مرة واحدة أو فعل عنده ولم يمنع عنه مرة واحدة فإن قيل: يتمسكون بأصالة عدم السهو وأصالة الالتفات وأمثال ذلك. قلنا: فيلزم منه حصول الظن من قول الحجة لا حصول اليقين فإذا قام على خلافة أمارة أقوى جاز التخلف عنه إلى الظن الأقوى والحق أن نسبة الظن إلى النبي والإمام ينافي اللطف ويوجب رفع الاطمينان وعدم التزام الناس بإطاعة قول من يظن منه الغلط نعم لا يبعد من المداولين للظنون والملابسين لاتباع المرجحات الخضوع للظن بحسب العادة لكن الناس مطلقا ليسوا كذلك فإذا قيل لهم: يجوز أن يغلط الإمام ويسهو في أحكامه رفضوا متابعة الدين وأحكام الله تعالى ولا يريد الملاحدة في زماننا من الناس إلا ذلك وما التوفيق إلا بالله وأنا استغفر الله من ذكر السهو عند ذكر المعصومين (عليهما السلام) سلام الله عليهم أجمعين وإن أدانا إليه الضرورة. (ش)
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354