ينتقل من لون إلى لون ومن هيئة إلى هيئة ومن صفة إلى صفة ومن زيادة إلى نقصان ومن نقصان إلى زيادة إلا رب العالمين فإنه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة، هو الأول قبل كل شيء وهو الآخر على ما لم يزل (و) لا تختلف عليه الصفات والأسماء كما تختلف على غيره، مثل الإنسان الذي يكون ترابا مرة، ومرة لحما ودما، ومرة رفاتا ورميما. وكالبسر الذي يكون مرة بلحا ومرة بسرا ومرة رطبا، ومرة تمرا، فتتبدل عليه الأسماء والصفات والله عز وجل بخلاف ذلك.
* الشرح:
(أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن فضيل بن عثمان، عن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل (هو الأول والآخر). قلت: أما الأول فقد عرفناه) وهو أنه قبل كل شيء لأنه مبدأ الجميع (أما الآخر فبين لنا تفسيره؟ فقال: إنه ليس شيء إلا يبيد) أي يهلك كالمركب الذي يفني بفناء بعض أجزائه أو جميعها (أو يتغير) من حال إلى حال كما أن النفس يتغير من جهل إلى علم ومن علم إلى جهل (أو يدخله التغير والزوال) وفي بعض النسخ الغير وهو - بالكسر - اسم من غيرت الشيء فتغير، وهذا قريب مما في الأصل، وقد يقال: هذه العبارة إشارة إلى العقول المقدسة العالية ودخول التغيرات فيها فإن صفاتها زايدة على ذواتها فقد دخلها التغير وزوال صفاتها عن مرتبة ذواتها (أو ينتقل من لون إلى لون ومن هيئة إلى هيئة، ومن صفة إلى صفة ومن زيادة إلى نقصان، ومن نقصان إلى زيادة) كل ذلك معلوم مشاهد في عالم الإمكان (إلا رب العالمين فإنه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة) لا يدخله الهلاك والزوال ولا التغير ولا الانتقال لا بحسب الذات والصفات ولا باعتبار الأمور الخارجة والإضافات; لأن تلك الأمور من لوازم النقصان ولواحق الإمكان وقدس الواجب بالذات متعال عن الاتصاف بتلك الحالات (هو الأول قبل كل شيء وهو الآخر على ما لم يزل) أي على نحو كان في الأزل يعني هويته التي هي وجوده الواجبي باعتبار كونه أولا قبل إيجاد الأشياء هي بعينها هويته باعتبار كونه آخرا بعد فناء الأشياء، ومن غير تغير وتبدل فيها بوجه من الوجوه (لا تختلف عليه الصفات والأسماء) (1) إذ لا يعرض له صفات متعاقبة متضادة