شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٦٤
بهذه الخصال السبع بمشية وإرادة) قد مر أن الإرادة هي العزيمة على المشية (1) وتأكد العزم والثبوت عليها وأنت خبير بأن هذا بحسب الظاهر إنما ينطبق على مذهب الأشاعرة القائلين بأن الإرادة موافقة للعلم بمعنى أن كل ما علم الله تعالى وقوعه فهو مراد الوقوع وكل ما علم الله تعالى عدم وقوعه فهو مراد العدم كما صرح به بعض الأفاضل في شرح الطوالع فهم يقولون بأن جميع أفعال العبادة التي صدرت منهم من الطاعات والمعاصي مثل الكفر والزندقة وسب النبي وسبه تعالى مراد له تعالى، وأما انطباقه على مذهب العدلية أعني المعتزلة والإمامية القائلين بأنه تعالى يريد من أفعال العباد الطاعات والخيرات ولا يريد المعاصي والشرور فقد استفدناه من الحديث وكلام الأصحاب من وجوه:
الأول - أنه مشيته تعالى وإرادته متعلقة بجميع الموجودات بمعنى أنه أراد أن لا يكون شيء إلا بعلمه كما يرشد إليه الحديث الخامس من الباب الآتي، الثاني: أن الإرادة متعلقة بالأشياء كلها لكن تعلقها بها على وجوه مختلفة; لأن تعلقها بأفعال نفسه بمعنى إيجادها والرضا بها لكون كلها حسنة واقعة على وجه الحكمة، والشر القليل تابع لخيرات كثيرة فيه وليس مرادا بالذات، وتعلقها بأفعال العبادة أما الطاعات فهو إرادة وجودها والرضا بها أو الأمر بها، وأما بالمباحات فهو الرخصة بها، وأما بالمعاصي فهو إرادة أن لا يمنع منها بالجبر والقهر، وقد صرح به الصدوق في كتاب الاعتقادات أو إرادة عدمها، وبذلك فسروا قوله تعالى (لو شاء الله ما أشركوا) حيث قالوا ولو شاء الله عدم شركهم على سبيل الإجبار ما أشركوا ولكن لم يشأ على هذا الوجه لمنافاته غرض التكليف وإنما شاء على سبيل الاختيار ليكون لهم القدرة على الفعل والترك.
ومما يدل على هذا المعنى ما رواه الشيخ الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن الرضا (عليه السلام) قال: «إرادة الله تعالى ومشيته في الطاعات الأمر بها والرضا لها والمعاونة عليها وإرادته ومشيته في المعاصي النهي عنها والسخط لها والخذلان عليها. قال السائل: فلله فيه قضاء؟ قال: نعم ما من فعل يفعل العباد من خير أو شر إلا ولله فيه قضاء قال السائل: ما معنى هذا القضاء؟ قال: الحكم عليهم بما يستحقونه من الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة» نقلنا بعض الحديث بحسب المعنى.
الثالث - أن تعلقها بأفعاله تعالى هو ما مر وتعلقها بأفعالهم على سبيل التجوز باعتبار إيجاد الآلة والقدرة عليها وعدم المنع منها فكأنه أرادها.
الرابع - إن إرادته تعالى عبارة عن العلم بما في الفعل من المصلحة.

1 - قوله: «هي العزيمة على المشيئة» ولكن في كلام الإمام (عليه السلام) في الحديث السابق تخصيص المشيئة بالذاتيات والصفات المنوعة وتخصيص الإرادة بالعوارض الذاتية. (ش)
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست