لذاته إلى أمر عرضي يمتاز به عن غيره وهو محال، وإن كان الثاني لزم تركيب الواجب وهو أيضا محال، وإن كان الثالث فإن كان ما به التشابه كمالا للواجب كان الواجب في مرتبة ذاته ناقصا ومستفيدا لكماله من غيره وإنه باطل وإن لم يكن كمالا له كان إثباته له نقصا لأن الزيادة على الكمال نقصان والنقص عليه محال (ولا تدركه الأوهام) لأن الوهم يتعلق بالأمور المحسوسة ذات الصور والأحياز حتى أنه لا يدرك نفسه إلا ويقدرها ذات مقدار وحجم فلو أدركه لأدركه في جهة وحيز ذا مقدار وصورة وهذا في حق الواجب المنزه عن شوائب الكثرة محال، وهذه الفقرة والتي قبلها كالدليل والبيان لما تقدمهما.
(كيف تدركه الأوهام وهو خلاف ما يعقل وخلاف ما يتصور في الأوهام) لأن مدرك العقل محدود بحدود كلية ومصور بصورة كلية ومدرك الوهم محدود بحدود جزئية ومصور بصورة شخصية متعلقة بالمحسوس وكل واحد من هذين المدركين ليس بواجب والواجب خلافه وفيه إشارة إلى أن الواجب خلاف الموهوم والمعقول، وفي السابق وهو قوله «فما وقع» إشارة إلى أن الموهوم والمعقول خلاف الواجب فقد ظهر أنه لا سبيل للعقل والوهم إلى ساحة الواجب ثم أشار إلى كيفية طريق معرفته تأكيدا لما مر بقوله (إنما يتوهم شئ غير معقول ولا محدود) يعني ينحصر طريق معرفته بأن يتوهم ويتعقل أنه شئ بحقيقة الشيئية موجود في الخارج لذاته لا يعرضه وجود ولا شيئية (1) ولا يلحقه صفات ولا كيفية ولا يكون معقولا بالكنه قطعا ولا محدودا بحد أصلا ولا منعوتا بصفات الممكنات ولا مشابها بشئ من المخلوقات وسيجئ لهذا زيادة توضيح إن شاء الله.
* الأصل:
2 - محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح،