تحفظ نفسك من الزلل في المقال وفيما تسمعه منه من دقائق عقايده ولطايف فوايده ما استطعت (ولا تثني عنانك) «لا» للنفي وتثني بفتح التاء من باب ضرب أو بضمها من باب الإفعال والمعنى واحد تقول: ثنيت الشئ ثنيا وأثنيته إذا صرفته وعطفته، والعنان بالكسر: سير اللجام وهو الذي يتمسك به الراكب لحفظ الدابة وضبط أمرها والمراد به هنا ما تمسك به النفس في ميدان المناظرة والمجادلة، والجملة خبر بمعنى النهي، وفي بعض النسخ «لا تثن» بصيغة النهي من أحد البابين (إلى استرسال) في النهاية: الاسترسال: الاستيناس والطمأنينة إلى الإنسان والثقة به فيما يحده، وأصله السكون والثبات إنتهى، ويحتمل أن يكون هنا من الرسل بالكسر بمعنى اللين والرفق والتأني (فيسلمك) من التسليم أو الإسلام قال في النهاية: أسلم فلان فلانا إذا ألقاه في الهلكة. وهو عام في كل من أسلمته إلى شئ لكن دخله التخصيص وغلب عليه الإلقاء في الهلكة، وفاعل يسلمك عايد إلى الشئ أو إلى ذلك الشيخ (إلى عقال) وهو بالكسر الحبل الذي يشد به ذراعي البعير وبالضم والتشديد وقد يخفف داء في رجلي الدواب والمعنى لا تعطف عنان نفسك ولا تصرفه في ميدان المناظرة إلى الاستيناس بذلك الشيخ والطمأنينة إليه والثقة به فيما يقول، أو لا تصرفه إلى التأني والرفق به والمساهلة معه فيسلمك ويلقيك ذلك الشئ والصرف أو ذلك الشيخ إلى عقال يمنعك من الحركة فيما أنت عليه من مذهبك والدلايل عليه أو إلى مكروه ومرض شديد وهو خروجك من مذهبك إلى مذهبه وغرضه من هذا الكلام وصيته بالحفظ والثبات على دينه وعدم خروجه عنه بكلامه (عليه السلام) وإغراؤه بالمناظره على قدر الإمكان (كذلك يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) (وسمه مالك وعليك) نقل عن الشيخ العارف بهاء الملة والدين إن سمه من السوم.
أقول: يريد أنه أمر من سام البايع السلعة يسوم سوما إذا عرضها على المشتري وذكر ثمنها وسامها المشتري بمعنى استامها سوما والمساومة المحادثة بينهما على السلعة وقطع ثمنها والضمير المنصوب راجع إلى ذلك الشيخ واتصاله من باب الحذف والإيصال وما الموصولة مفعوله والجملة معطوفة على قم والمقصود اعرض عليه مالك عليه وماله عليك وساومه في المعاملة والمناظرة التي تقع بينكما على بصيرة منك لئلا تصير مغلوبا مغبونا كما يقع ذلك بين البايع والمشتري لطلب كل منهما نفعه وفراره من الغبن والخسران ففي الكلام استعارة تمثيلية، ونقل عن المحقق الشوشتري أن سمه بضم السين وفتح الميم المشددة أمر من سم الأمر يسمه إذا سبره ونظر إلى غوره والمسبار ما يسبر به. أقول: الضمير يرجع إلى ما يجري بينهما بقرينة المقام والموصول بدل عنه، والمقصود انظر إلى غور مالك وعليك بمسبار عقلك ولا تأخذ بظاهرهما