شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٣٩
(صمدا) الصمد السيد المصمود فعل بمعنى مفعول كالحسب والقبض يعني أنه السيد الذي يصمد إليه في طلب الامور والنوائل ويقصد في دفع الحوائج والنوازل ويلاذ به في السراء والضراء ويلتجا إليه في الشدة والرخاء ولذلك يوصف به سبحانه لأنه المستغني عن الغير على الإطلاق وكل ما سواه يحتاج إليه من جهات متكثرة، وأنت إذا تأملت في معنى الأحد والصمد علمت أن جميع ما ذكره (عليه السلام) إلى قوله لم يلد مندرج تحتهما ومستخرج منهما.
(أزليا) إذ لو كان حادثا لكان الموجد له هو الصمد لا هو ولأن وجوب وجوده لذاته يستلزم استحالة عدمه أزلا وأبدا وأزله عبارة عن سلب الابتداء والأولية عنه.
(صمديا) أي ليس بجسم ولا جسماني ولا مفتقر إلى شيء بل يفتقر إليه كل ما سواه والنسبة للمبالغة مثل الأحمري.
(لا ظل له) أي لا سبب (1) أو لا صورة أو لا مثل أو لا ظل بالمعنى المعروف له (يمسكه) عن عروض الزوال وحدوث التغير.
(وهو يمسك الأشياء بأظلتها) أي بأسبابها، أو بصورها، أو بغير ذلك مما ذكر ونقل من الشيخ العارف بهاء الملة والدين أن المراد بأظلتها رب أنواعها انتهى (2) ولا يبعد أن يراد بالظل هنا

1 - قوله «ظل له أي لا سبب» ذكر للظل أربعة معان: الأول: السبب، والدليل عليه قوله (عليه السلام) بعد ذلك «يمسكه» إذ ضمير الفاعل في يمسكه راجع إلى الظل وضمير المفعول إلى الله تعالى فالظل ما يمسك الأشياء وهو السبب، الثاني: الصورة والمراد منه دفع توهم من يزعم أن كل شيء غير مجسم يحتاج إلى جسم يقوم فيه كالقوة الباصرة فإنها محتاجة إلى العين فقال (عليه السلام) لا ظل له يمسكه أي لا صورة ولا جسم يقوم الله تعالى، الثالث: المثال واطلاق الظل على الأشباح والأجسام البرزخية غير عزيز، الرابع: الظل بالمعنى المعروف ونفيه عن الله تعالى كناية عن نفي التجسم ويبعد المعنيين الأخيرين استلزامه التعسف في تفسير يمسكه إذ لا يمكن إبداء معنى صحيح لإمساك المثال أو الظل المعروف شيئا. (ش) 2 - قوله «رب أنواعها» هكذا نقل المجلسي (رحمه الله) عن الشيخ بهاء الدين (رحمه الله) ومرجعه إلى التفسير الأول للظل أعني السبب إذ ليس تفسير الظل بالسبب تفسيرا لمفهومه لأنه لم يعهد إطلاق الظل على معنى السببية حقيقة ولا مجازا بل هو تفسير مصداقي أي هذا الظل مصداقه السبب ومفهومه الشبح وشئ مماثل للأصل في شكله وحركاته وسكناته وهو رب النوع، ويؤيد كونه رب النوع أن الظل واسطة بين الله تعالى وبين خلقه فيمسك تعالى الأشياء بواسطة الأظلة، ويلزمه أن تكون الأظلة أشرف في الوجود وليس القول برب النوع مستبعدا من الشيخ (رحمه الله) إذ هو عبارة عن الملائكة الموكلة بالأشياء والظاهر أن صدر المتألهين - قدس سره - اقتبس القول بتجرد الخيال وبوجود المثل النورية من أستاده الشيخ (رحمه الله) وقال الحكيم السبزواري:
وعندنا المثال الإفلاطوني * لكل نوع فرده العقلاني إلى أن قال:
وذلك الأصل وذي فروع * وذلك الكلي أي وسيع ورب النوع والمثل والعقول العرضية والملك الموكل كل ذلك واحد. (ش)
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست