شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٣
المدعى أيضا (1) لأن وجوب الممكن وكونه قادرا على الإرادة من جانب الغير وهو الفاعل المختار الواجب وجوده لذاته دفعا للتسلسل (والذي اضطرهما) على ذلك (أحكم منهما وأكبر) الظاهر أن «أحكم» اسم تفضيل من الحكم بمعنى القضاء ومنه يا أحكم الحاكمين لا من الاحكام كأفلس من الإفلاس ليرد أنه شاد، والمراد بكونه أحكم وأكبر أنه حاكم عليهما مؤثر فيهما فلا محالة يكون أشد قضاء وأتم حكما وأكبر رتبة منهما أو المراد أن فعله ليس مثل فعلهما بالاضطرار وإلا دار أو تسلسل أو المراد أن وجوده من ذاته لا من الغير والإمكان مثلهما غير محكم في حد ذاته لانه حينئذ ممكن وكل ممكن باطل غير محكم في حد ذاته أو المراد أن ذاته وصفاته أحكم من ذاتهما وصفاتهما لأن ذاتهما من الأجسام وصفاتهما من الجسمانيات وكل جسم وجسماني فيه ضعف وذلة من جهات شتى (فقال الزنديق صدقت) لا بد لهما من محرك يضطرهما على ما ذكر وهو أحكم وأكبر منهما (ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام)) لدفع ما يذهب إليه وهم الزنديق من أن ذلك المحرك هو الدهر كما قالت الزنادقة «وما يهلكنا إلا الدهر».
(يا أخا أهل مصر إن الذي تذهبون إليه وتظنون أنه الدهر) «أنه الدهر» خبر «أن» أو هو مفعول «تظنون» أو بيان للموصول بتقدير «من» ومفعوله محذوف وخبر «أن» حينئذ قوله (إن كان الدهر يذهب بهم لم لا يرد هم؟ وإن كان يردهم لم لا يذهب بهم) ضمير «بهم» إما راجع إلى ذوي العقول المدركة مطلقا سواء كانت نفوسا قدسية مجردة عن التعلق بالأبدان أو نفوسا بشرية متعلقة بها أو راجع من باب التغليب إلى الكائنات من العلويات والسفليات كلها، ولعل المراد أن للكاينات وجودات وصفات وكمالات هي ذاهبة إليها تاركة لأضدادها، مثلا للإنسان موت وحياة، وللشمس والقمر وساير الكواكب حركات بالأصالة دائما من الغرب إلى الشرق وهي تذهب إلى جهات حركاتها ولا ترجع إلى خلافها ولا ترد والدهر لا شعور له فإن صدر منه بمقتضى طبعه إذهاب الكائنات إلى جهاتها وصفاتها وكمالاتها يرد أنه لم يقتضي طبعه إذهابها إليها دون ردها إلى خلافها وأضدادها وإن صدر منه الرد إلى خلافها يرد أنه لم يقتضي طبعه الرد إلى خلافها دون الإذهاب

1 - هذا هو الصحيح في هذا الموضع بل إثبات نفس وعقل بإزاء كل فلك مما يأبى عنه ذهن الماديين والملاحدة وإثبات الإرادة للفلك يساوق إثبات وجود الله تعالى إذ المنكرون منهم للصانع تعالى ينكرون العقول والنفوس ويستغربون الحركة الإرادية في الأفلاك أشد من استغراب عامة المسلمين والحق أن كل من رأى جسما متحركا على الاستدارة كالرحى من غير أن يكون هناك ماء أو هواء وأي سبب محرك آخر لا بد أن ينسب حركته إلى موجود غيبي جن أو ملائكة يدبره بالإرادة والاختيار ولا يذهب الفكر السليم إلى نسبة الحركة الدورية إلى فاعل غير إرادي البتة فالطبيعة ليست فاعل بنفسها بل هي مضطرة لفاعل غير طبيعي فهو إله أو ملائكة. (ش)
(١٣)
مفاتيح البحث: أبو عبد الله (1)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست