شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١١
مع التغاير بين النور والظلمة، كما يشير إليه قوله تعالى (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون) أو دخول بعض من كل واحد منهما في الآخر ففي ستة أشهر يدخل جزء من الليل في النهار وفي ستة أشهر يدخل جزء من النهار في الليل ولا يشتبه الداخل في كل منهما في الآخر لكون أقداره معلومة محدودة دائما (1) والمراد برجوعهما رجوع كل منهما بعد الاستتار عقب صاحبه أو رجوع كل منهما عما أعطاه الآخر فيرجع الداخل من الليل في النهار إلى الليل ويرجع الداخل من النهار في الليل إلى النهار أو رجوعهما إلى التساوي والتكافؤ في الاعتدالين بعد التزايد والتناقص، وإنما قلنا الظاهر ذلك لأنه يحتمل أن يتعلق «يلجان» بالليل والنهار ويرجعان بالشمس والقمر، ويحتمل أيضا أن يكون الواو للحال، وعلى هذا الاحتمال كل واحد من الولوج والرجوع متعلق بالليل والنهار وخبر لهما (قد اضطرا) (2) هذا على الاحتمالين الأولين حال عن المفعول الأول ل‍ «ترى» لبيان أن اتصافه بالمفعول الثاني أعني الولوج والرجوع على سبيل الاضطرار ليثبت أن لهما فاعلا قادرا مختارا يحملهما على ذلك بقدرته واختياره، والتثنية باعتبار أن الشمس والقمر

1 - ولكون هذه الأقدار معلومة محدودة صح للمنجمين أن يخبروا بما يبتني على التسييرات من الحوادث كرؤية الهلال والخسوف والكسوف والمقارنات ومقادير الليل والنهار في الآفاق المختلفة وغير ذلك. (ش) 2 - قلنا في حاشية الوافي إن المنكرين للصانع ليس مبنى شبهتهم واحدا ولا طريقتهم متشاكلة فعلى المثبت أن يبين في كل باب ما يليق به فمن يرى أن العالم قديم يزال شبهته بأن يثبت إمكانه وحدوثه ومن يرى أن العالم بالبخت والاتفاق تجب أن تزال بأن الترجيح بلا مرجح محال وأن الشئ ما لم يجب لم يوجد، ومن يرى أن كل موجود محسوس يزال شبهته بأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود وظاهر أن الإمام (عليه السلام) في هذا الحديث يرد القول بالبخت والاتفاق لأن السائل كان منهم. والشمس والقمر والكواكب عندهم أجسام جامدة نظير الأجسام الأرضية ولو خلى الجسم وطباعه لم يتحرك البتة إلا بمحرك جاذب أو دافع وإن تحرك بسبب خارج عن هويته لم يحدث فيه تكرر ونظام مقرر، ولا يبتدل ولا يختلف ومعنى كون الجسم الجامد مضطرا أنه متحرك بتحريك غيره، ومعنى عدم اضطراره كونه مخلى وطباعه ولو كان قول الملاحدة صحيحا ولم يكن في الوجود شئ خارج عن الأجسام محرك لها وكانت الأجسام أنفسها مخلاة وطبائعها من غير قوة خارجة تضطرها إلى شئ لم يكن يوجد هذا النظم بالبخت والاتفاق بل كانت الشمس تطلع يوما ولا تطلع يوما والقمر يسير مرة شهرا ومرة ثلاثة أشهر إذا الأمور بالبخت والاتفاق وكانت البرة تنبت مرة برا ومرة شعيرا، وشجرة التفاح تثمر مرة عنبا ومرة تمرا إذ المادة قابلة للتشكل بكل صورة والشمس قابله للتحرك إلى كل جانب فما الباعث لاختيار واحد من أمور غير متناهية مع أن الترجيح بلا مرجح باطل، فإن تمسك أحد بأن في كل جسم طبيعة تضطره إلى شئ قلنا هؤلاه الزنادقة الذين كان الكلام متوجها إليهم كانوا نظير ذي مقراطيس ولم يكونوا قائلين باضطرار الطبيعة ولرد القائلين بالطبيعة حجة أخرى مذكورة في محلها سيأتي إن شاء الله وقد نقلنا في حاشية الوافي كلام أبي علي بن سينا في الشفا في رد قول ذي - مقراطيس ومن قال بالبخت والاتفاق بما يشبه كلام الإمام (عليه السلام) فارجع إليه. (ش)
(١١)
مفاتيح البحث: الحج (1)، الهلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست