تخصم) (1) تخصم على البناء للمفعول مجزوم بعد الأمر أي إن تقل ما شئت تكن مخصوما محجوجا بقولك، وأما البناء للفاعل وحذف المفعول أي تخصم نفسك فهو محتمل لكنه بعيد ووجه كونه مخصوما أنه إن أقر بوجود ملك وإله هو وابنه عبداه فقد أقر بما ينافي مذهبه من نفي المعبود والعبودية له، وإن قال: ليس هناك ملك وإله يكذبه ما دل عليه هذان الاسمان باعتبار الوضع الإضافي لأن لهما بحسب اللغة والعرف مفهومات وحقيقة تركيبية من أجل الإضافة والظاهر المتبادر أن الواضع لاحظ وجودها حال الوضع فلا ينبغي للعاقل أن ينكره وهذا الوجه من الوجوه الإقناعية التي تورث الشك فيما ذهب إليه من نفي الإله وهذا هو المقصود في هذا المقام لأن الحكيم يداوي من به مرض الجهل المركب أولا بما يوجب شكه ليرجع من الجهل المركب إلى الجهل البسيط ويستعد لقبول الحق، ثم يداوي مرض الجهل البسيط بالدلايل والبراهين (قال هشام بن الحكم فقلت للزنديق) حين رأيته متحيرا في الجواب.
(أما ترد عليه؟ قال: فقبح قولي) قبح مجرد من القبح و «قولي» فاعله وضمير «قال» للزنديق وإنما حكم بقبح قوله لعلمه بأنه مخصوم لو أجاب، ويحتمل أن يكون مزيدا من التقبيح وضمير فاعله يعود إلى الزنديق أو إلى أبي عبد الله (عليه السلام) وفاعل قال على الأول يعود إلى هشام وعلى الثاني إلى الزنديق (فقال أبو عبد الله (عليه السلام) إذا فرغت من الطواف فأتنا) فيه دلالة على جواز دخول الزنديق في المسجد لأنه (عليه السلام) لم يأمر بإخراجه وحمل عدم الأمر به على عدم الاقتدار وعلى التقية محتمل كما أن حمل النهي عن الدخول على ما إذا كان الدخول موجبا للتلويث محتمل أيضا (2).
(فلما فرغ أبو عبد الله (عليه السلام) أتاه الزنديق فقعد بين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) ونحن مجتمعون عنده فقال أبو عبد الله (عليه السلام) للزنديق: أتعلم أن للأرض تحتا وفوقا؟ قال: نعم) أعلم لأن الأرض متناهي المقدار وكل جسم متناهي المقدار له تحت وفوق قطعا (قال: فخدلت تحتها) من جانب الشرق أو من جانب الغرب أو من النزول في عمقها (قال: لا، قال: فما يدريك ما تحتها) أي أي شئ يجعلك عالما بما تحتها (قال: لا أدري إلا أني أظن ليس تحتها شئ) أنت تعلم أن هذا الظن لا مستند له إلا عدم الرؤية والتمسك به من سخافة العقل لأن عدم رؤية شئ لا يدل على عدم وجوده بوجه من