بعروة الكفران واستحقوا عذاب النيران ومذلة الخذلان. وهذا الحديث كما ترى صريح في أن التكليف عاجلا وتحصيل كمال الرضا والقرب عاجلا وآجلا متوجه إلى العاقل الكامل، وأن الضعفاء من الشيعة غير مؤاخذين بالتقليد في أصول الدين، وأن هذا الصنف دون الصنف الأول في الثواب والعقاب كما قال سبحانه (ورفع بعضهم فوق بعض درجات).
* الأصل:
6 - «أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن أبي محمد الرازي، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من كان عاقلا كان له دين، ومن كان له دين دخل الجنة».
* الشرح:
(أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان) ضعيف (عن أبي محمد الرازي) قيل هو جعفر بن محمد بن يحيى القاضي بالري ويحتمل أحمد بن إسحاق الرازي (عن سيف بن عميرة) بفتح العين ثقة عند الأكثر، وقال محمد بن شهر آشوب: هو واقفي، وقال الشهيد في شرح الارشاد - في نكاح الأمة باذن المولى -: وربما ضعف بعضهم سيفا والصحيح أنه ثقة (عن إسحاق بن عمار) ثقة عند الكل شيخ من أصحابنا عند بعض وفطحي عند بعض، وقال العلامة: الأولى عندي التوقف فيما ينفرد به.
(قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من كان عاقلا كان له دين ومن كان له دين دخل الجنة) هذا ضرب أول من الشكل الأول (1) مركب من متصلين والنتيجة من كان عاقلا دخل الجنة; أما بيان الصغرى فلما مر في حديث عقل آدم (عليه السلام) من أن الدين لازم للعقل وذلك لأن العاقل يعرف أحوال المبدء والمعاد وما هو خير له في الدنيا والآخرة فيحصل له بذلك قوة تمنعه من الخروج عن الصراط المستقيم، والدين عبارة عنه، وبعبارة أخرى العاقل من كان له علم بالمصالح وعمل بها إذ لو لم يكن الأول كان جاهلا ولو لم يكن الثاني كان سفيها وهو أيضا جاهلا، وهذا المعنى هو الذي أشار إليه (عليه السلام) في الحديث السابق من «أن العقل ما يعبد به الرحمن ويكتسب به الجنان» فثبت أن من كان له عقل كان له دين. وأما الكبرى فلأن الدين كما عرفت عبارة عن الصراط المستقيم وهو طريق الجنة، فمن سلكه كان لا محالة غايته دخول الجنة ولأن سالكه استحق دخولها ومحال على فضل الله وإحسانه أن يمنعه من دخولها مع الاستحقاق، ويلزم من مفهوم الشرط أن من كان جاهلا لا دين له ولا يدخل الجنة ولكن لا بد من القول بأن هذا المفهوم غير معتبر لأن الجاهل قد يكون له دين وإن كان ضعيفا وقد يدخل الجنة بالتفضل، أو القول بأن المراد بدخول العاقل الدخول بلا تعذيب بعذاب يوم القيامة أو بلا حساب لأن العاقل يؤدي حسابه في دار الدنيا ويلزم أيضا من قاعدة انتفاء الملزوم عند انتفاء