شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٦٧
لا مثل كثرة الأشخاص المندرجة تحت نوع واحد، ولا مثل كثرة الأنواع المندرجة تحت جنس واحد لأن تلك الكثرة من توابع المادة (1) والعالم القدسي منزه عنها بل هي مراتب وجودية نورانية بسيطة مختلفة في الشدة والضعف في النورية متفاوتة في الكمال والقرب إلى نور الأنوار، وأنه روح النفس الناطقة وحالة لها ومتعلق بها كتعلق النفس بالبدن وباضاءاته وإشراقاته تضيء النفس وتشرق وتبصر ما في عالم الملك والملكوت وتعرف منافعها ومضارها فتطلب الأول وتجتنب عن الثاني، وأنه لا بعد في ذلك التعلق لأنه إذا جاز تعلق النفس بالبدن مع المباينة بينهما في التجرد والمادية جاز تعلق ذلك الجوهر بالنفس (2) مع المناسبة بينهما في التجرد بالطريق الأولى. والحق أن وجود ذلك الجوهر أمر ممكن دل عليه ظاهر كثير من الروايات لكن لا على الوجه الذي ذهب إليه طائفة من الفلاسفة من أنه موجد للأفلاك (3) وما فيها وما تحتها من الأجسام والعناصر وغيرها فان وجوده على هذا الوجه غير ثابت لا عقلا ولا نقلا، بل باطل بالنظر إلى الآيات والروايات الدالة على أن موجد ما ذكر ليس إلا الله جل شأنه وأن تكثره وتعلقه بالنفس على الوجه المذكور أيضا أمر ممكن، وأن انتساب الحالات

1 - قوله: «لان الكثرة من توابع المادة» الكثرة للعدد ويتكثر الشئ اما بالماهية كالحديد فإنه غير الذهب ماهية، واما بالتشخص مثل هذا الحديد في المسحاة وذلك الحديد في القدوم وكلاهما حديد متحدا الماهية.
وليس تكثر العقول مثل هذا ولا مثل ذاك بل جميعها متحدة الحقيقة كالنور وذو مراتب مثله، والعقول في اعتقاد بعضهم مختلفة الماهية ولا يشترك نوعا ولا جنسا وللبحث في ذلك محل آخر (ش).
2 - قوله: «تعلق ذلك الجوهر بالنفس» تعلق العقل بالنفوس المجردة الانسانية نظير تعلق النفس بالبدن وبالجملة العقل الفعال له اشراقات على النفوس وبتلك الاشراقات متحد بالنفس فمثل العقل الفعال والنفوس مثل الشمس وأشعتها. والمجلسي رحمه الله عد أكثر ما حققه الشارح هنا واعترف بامكانه وصحته مخالفا لضروريات الدين (ش).
3 - قوله: «موجد للافلاك» وحاصل كلام الشارح اثبات وجود العقل المجرد الذي يقول به الحكماء واختار في ذلك مذهب صدر المتألهين صاحب الاسفار الأربعة واعترف بامكان اتحاد العقول الجزئية بالعقل الفعال وبأن الوجود حقيقة واحدة ذات مراتب وغير ذلك من دقائق هذا العلم، واما ما نسبه إلى طائفة من الفلاسفة فكأنه أراد المتفلسفين الجاهلين الذين غاية همهم حفظ الاصطلاحات وسماهم الفارابي الفيلسوف البهرج وإلا فإن تأثير العقل نظير تأثير الدواء في دفع المرض وتأثير الرياح في إثارة السحاب في قوله تعالى (يرسل الرياح فتثير سحابا فكما أن الاعتقاد بتأثير هذا باذن الله ليس كفرا كذلك الاعتقاد بتأثير العقول باذن الله ليس كفرا وتأثيرهم نظير تأثير الملائكة الموكلين بالعقول هم الملائكة والفرق بالاصطلاح (ش).
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست