شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٧٧
من وصول الخير إليه، ولذلك كثر الأمر في الأحاديث بملازمة العالم ومفارقة الجاهل. وكما أن صداقة الأصدقاء وعداوة الأعداء متفاوتة في الناس كذلك صداقة العقل وعداوة الجهل متفاوتة بحسب تفاوت مراتب العقل والجهل في الشدة والضعف لكثرة جنودهما وقلتها على ما سيأتي تفصيل ذلك في الحديث المتضمن لذكر الجنود إن شاء الله تعالى.
* الأصل:
5 - «وعنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام):
إن عندنا قوما لهم محبة وليست لهم تلك العزيمة يقولون بهذا القول؟ فقال: ليس أولئك ممن عاتب الله إنما قال الله: (فاعتبروا يا أولي الأبصار)».
* الشرح:
(وعنه) أي محمد بن يحيى (عن أحمد بن محمد) الظاهر أنه أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري ويحتمل أحمد بن محمد بن خالد البرقي لأن محمد بن يحيى يروي عنهما إلا أن روايته عن الأول أكثر ورواية الأول عن ابن فضال أشهر وكلاهما عدلان ثقتان (عن ابن فضال عن الحسن بن الجهم قال:
قلت لأبي الحسن (عليه السلام)) الظاهر أنه أبو الحسن الرضا (عليه السلام) ويحتمل أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) لأن الحسن بن الجهم يروي عنهما (إن عندنا قوما) من الشيعة والتنكير للتكثير (لهم محبة) لكم أهل البيت والتنكير للتحقير (وليست لهم تلك العزيمة) الواو للعطف أو للحال والعزم إرادة الفعل والقطع عليه والجد فيه يعني ليس لهم القطع واليقين بمحبتكم كما يكون لخلص شيعتكم; وذلك لعدم كمالهم في العقل والتمييز وعدم تمسكهم في الدين بالبرهان (يقولون بهذا القول) بمجرد التقليد والنشوء عليه لا بالبصيرة والبرهان وهو تأكيد للسابق ولذا ترك العطف (فقال ليس أولئك ممن عاتب الله) للتقليد وترك الاستدلال لأن الاستدلال متوقف على إدراك مقدمات مناسبة للمطلوب واعتبار الحدود فيها وترتيبها على نهج الصواب واعتبار الشرايط المعتبرة في الانتاج وقوة الانتقال منها. ولا يتصور ذلك إلا فيمن له قوة استعدادية وبصيرة عقلية ومكنة ذهنية (1) وليس أولئك بهذه الصفة فلا يتعلق بهم الخطاب بالاستدلال والعتاب بتركه (إنما قال الله فاعتبروا يا أولي الابصار) خص الأمر بالاعتبار باولي الابصار والحث على الاستدلال بذوي الأفكار إذ لهم أذهان ثاقبة وعقول كاملة وبصائر نافذة تمكنوا بها من معرفة غوامض الأمور من مباديها، فأولئك مكلفون بمعرفتنا والتصديق بولايتنا والاقرار بإمامتنا والبلوغ إلى أعلى مراتب محبتنا بمناهج البرهان ومعارج التبيان، فإن فعلوا اتصفوا بحقايق الأيمان وصاروا رفقاءنا في الجنان وإن أهملوا تمسكوا

1 - في بعض النسخ [سمة ذهنية].
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست