شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٨١
وبصدورها على الخوف والخشية ولا يحصل ذلك إلا بزيادة العقل والعلم فإذن زيادة الثواب على قدر العقل كما أن زيادة العقاب على قدره لقول الصادق (عليه السلام): «يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد (1)» ولا يقال: مجاهدة قليل العقل مع نفسه ودفعه للمخاطرات الشيطانية واللذات النفسانية أشق وأعظم لضعف الآلة من مجاهدة العاقل الكامل العالم الماهر فينبغي أن يكون ثواب عبادته أكثر وأعظم كما ورد «ان الذي يعالج القرآن بمشقة وقلة حفظه له اجران (2)» لأنا نقول:
ذلك ممنوع بل الظاهر الحق الذي لا ريب فيه أن مجاهدة العاقل العالم أعظم لأن اللذات النفسانية مشتركة والمخاطرات الشيطانية فيه أكثر وأعظم، وسيره في طرق تفاصيل المقامات العالية الدقيقة وتركه لأضدادها مع كثرة قطاع الطريق والمختلس فيها أشد وأشق بخلاف قليل العقل فإنه إنما يسمع أن هناك طرقا ومقامات وهي معارك النفوس ولم يقع فيها ولم ير مشقتها ولا صولة الأعادي فيها، أما تضعيف أجر من له قلة حفظ على أجر من له قوة حفظ فانما هو بعد تساويهما في العلم بالقراءة وأحكامها فليس هذا من قبيل ما نحن فيه. (إن رجلا من بني إسرائيل كان يعبد الله في جزيرة من جزاير البحر) قال المطرزي في المغرب: الجزر انقطاع المد، ويقال جزر الماء إذا انفرج عن الأرض أي انكشف حين غار ونقص، منه الجزيرة. وقال الجوهري: الجزيرة واحدة جزاير البحر سميت بذلك لانقطاعها عن معظم الأرض (خضراء) بفتح الخاء وسكون الضاد أي فيها الفواكه والتفاح والكمثرى وغيرها أو البقول كالكراث والكرفس والسداب ونحوها أو النبات والكلاء الأخضر أو جميع ذلك (نضرة) صفة بعد صفة، والنضرة الحسن والرونق، وقد نضر وجهه أي حسن ونضره الله يتعدى ولا يتعدى (كثيرة الشجر، ظاهرة الماء) بالظاء المعجمة يعنى أن ماءها كان جاريا على وجه الأرض وقد يقرأ بالطاء المهملة، وكان طهارة مائها كناية عن صفائه ولطافته وخلوه عما يغير لونه أو طعمه، والظاهر «ظاهر الماء» بلا تاء، لأن الوصف بحال المتعلق في التأنيث والتذكير تابع لفاعله دون الموصوف، والفاعل هنا مذكر (وإن ملكا من الملائكة مر به فقال: يا رب أرني ثواب عبدك هذا) دل هذا وغيره من الأخبار على أن الملائكة لا يعلمون ثواب أعمال العباد كما وكيفا بل لا يعلمون نفس الأعمال أيضا إلا ما شاء الله (فأراه الله تعالى ذلك فاستقله الملك) أي عدة قليلا بالنظر إلى عبادته (فأوحى الله تعالى إليه أن اصحبه فأتاه الملك في صورة إنسي) تلبس الملائكة والشياطين والأجنة الذين هم أجسام شفافة بل الأعراض أيضا كالأعمال والعقايد بالصور الجسمانية الكثيفة مما لا ينكره العقل وقد ثبت ذلك من طرق العامة والخاصة بأخبار معتبرة متكثرة، ولا يستلزم ذلك تبدل

١ - سيأتي في كتاب فضل العلم باب لزوم الحجة على العالم تحت رقم ١.
٢ - رواه الكليني في كتاب فضل القرآن باب من يتعلم القرآن بمشقة تحت رقم 1.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست