شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٥٥
تعالى في شأنه لكون متزلزلا غير ثابت غير معلومة لنا إن شاء أبقاه على ما كان عليه بفضله وإن شاء وكله إلى نفسه. وهذا بخلاف العالم الثابت المنور قلبه بنور ربه فإنه لما كان مستيقنا مشاهدا لما في عالم الملك والملكوت بعين البصيرة عارفا بالمطالب عالما بالمفاسد وبحقارة الدنيا وزينتها كان له قدرة له تامة على أن يدفع عن نفسه جميع هذه المفاسد بعون الله تبارك وتعالى، وقد نقل عن بعض المشايخ العارف الكامل: أنه قال في حال الاحتضار حضرني ذلك اللعين وألقى علي شبهات كثيرة وأنا أجبت عن كل واحدة واحدة منها ببراهين قاطعة فأفحم فعلمت أن علمي نفعني في الدنيا والآخرة، و الله الموفق والمعين. و إلى ما ذكرناه أشار بقوله: (لأن الشرط عليه من الله أن يؤدي المفروض بعلم وبصيرة ويقين كيلا يكون ممن وصفه الله فقال تبارك وتعالى: (ومن الناس من يعبد الله على حرف)) قال القاضي أي على طرف من الدين لاثبات له فيه كالذي يكون على طرف الجيش فإن أحس بظفر قر وإلا فر ((فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه) قال أيضا، روي أنها نزلت في أعاريب قدموا إلى المدينة فكان أحدهم إذا صح بدنه ونتجت فرسه مهرا سريا وولدت امرأته غلاما سويا وكثر ماله وماشيته قال ما أصبت منذ دخلت في ديني هذا إلا خيرا واطمأن به وإن كان الأمر بخلافه قال: ما أصبت إلا شرا وانقلب، وعن أبي سعيد أن يهوديا أسلم فأصابته مصايب فتشأم بالإسلام فأتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال أقلني فقال: إن الإسلام لا يقال. فنزلت (خسر الدنيا والآخرة) أما خسران الدنيا فلابتلائه بالمصايب والفتن وذهاب الأموال والأولاد، وأما خسران الآخرة فلذهاب عصمته وحبوط عمله وفساد دينه بالارتداد (ذلك هو الخسران المبين) لفوات رأس ماله الذي هو حياته الدنيا وحياته في الآخرة ولا خسران أظهر من ذلك وإنما كان شأنه ذلك.
(لأنه كان داخلا فيه) أي في الدين (بغير علم ولا يقين فلذلك صار خروجه بغير علم ولا يقين) فخرج منه كما دخل فيه (وقد قال العالم (عليه السلام)) المراد به هنا موسى بن جعفر (عليهما السلام)، وقيل: هو المراد من العالم إذا أطلق، ويقال له الكاظم وأبو الحسن على الاطلاق وأبو الحسن الأول والعبد الصالح وأبو إبراهيم، ويقال أبو الحسن الثاني للرضا (عليه السلام). وأبو الحسن الثالث للهادي (عليه السلام) وأبو عبد الله الصادق (عليه السلام). وأبو جعفر على الاطلاق وأبو جعفر الأول للباقر (عليه السلام). وأبو جعفر الثاني للجواد (عليه السلام) والماضي وأبو محمد للعسكري (عليه السلام) (من دخل في الايمان بعلم ثبت فيه ونفعه إيمانه، ومن دخل فيه بغير علم خرج منه كما دخل فيه) أي خرج منه بغير علم إما لشبهة أو لغرض من أغراض نفسانية وفيه أيماء إلى تساوي الايمان وعدمه عنده فليس استقراره فيه أولى من خروجه عنه.
(و قال (عليه السلام) من أخذ دينه) أي فرائضه أو طريقه وسبيله إلى الحق وثوابه (من كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)) بفهم وبصيرة (زالت الجبال قبل أن يزول) الضمير المستكن راجع إلى «من» أو إلى «دينه» وفيه
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست