شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٣٢
(و اعتساف من الجور) العسف الأخذ على غير الطريق وكذلك التعسف والاعتساف، والجور الميل عن طريق الحق، والظلم; قال في المغرب «جار عن طريق مال جار ظلم» والمعنى الثاني أنسب يعني ابتعثه (صلى الله عليه وآله) حين مالوا عن طريق الهداية وسلكوا طريق الغواية وظلموا بذلك أنفسهم، فبعضهم كانوا من عبدة الأوثان (1) وبعضهم كانوا من عبدة النيران، و بعضهم كانوا من عبدة الشمس والقمر، وبعضهم كانوا من عبدة الشجر والبقر، وبعضهم: قالوا عزير ابن الله، وبعضهم قالوا: المسيح ابن الله، وبعضهم قالوا: الملائكة بنات الله، وبعضهم قالوا: الله جسم، وبعضهم قالوا: هو نور مثل سائر الأنوار، وبعضهم قالوا: يجوز رؤيته - إلى غير ذلك من الملل الفاسدة والمذاهب الباطلة.
(و امتحاق من الدين) محقه أبطله ومحاه وتمحق الشئ وامتحق أي بطل. والدين في اللغة: الطاعة والجزاء. وفي العرف: الشرائع الصادرة بواسطة الرسل. وبطلانه كناية عن تركهم العمل بما فيه من صلاح معاشهم ومعادهم فإنهم غيروا وبدلوا وشرعوا لهم ما سولت لهم أنفسهم فحللوا حراما وحرموا حلالا فبعثه الله الرؤف الرحيم ليهديهم إلى الصراط المستقيم.
* الأصل:
«و أنزل إليه الكتاب فيه البيان والتبيان، قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون، قد بينه للناس ونهجه بعلم قد فصله، ودين قد أوضحه، وفرائض قد أوجبها وأمور قد كشفها لخلقه وأعلنها، فيها دلالة إلى النجاة ومعالم تدعو إلى هداه، فبلغ (صلى الله عليه وآله) ما أرسل به، وصدع بما أمر، وأدى ما حمل من أثقال النبوة، وصبر لربه، وجاهد في سبيله، ونصح لامته، ودعاهم إلى النجاة، وحثهم على الذكر، ودلهم على سبيل الهدى من بعده بمناهج ودواع، أسس للعباد أساسها، ومنائر رفع لهم أعلامها، لكيلا يضلوا من بعده وكان بهم رؤوفا رحيما».
* الشرح:
(و أنزل إليه الكتاب) الكتاب في الأصل الفرض والحكم والقدر كما يظهر من الصحاح والمغرب; ثم المتبادر منه عند الاطلاق هو القرآن العزيز لاشتماله على هذه الأمور على الوجه الأتم والأكمل.
(فيه البيان والتبيان) أي بيان كل شئ وتبيانه وهو البيان مع البرهان، وقدم الظرف للحصر أو لقرب المرجع أو الاهتمام لاشتماله على ضمير «الكتاب» أو لربط الحال على صاحبها ابتداء.
(قرآنا) حال بعد حال عن «الكتاب» (عربيا) صفة للتخصيص أو للمدح واشتماله على غير العربي نادرا على تقدير ثبوته لا يقدح في عربيته (غير ذي عوج) لا اختلال ولا اختلاف ولا شك فيه أصلا لا من جهة المباني ولا من جهة المعاني (لعلهم يتقون) من العقوبات الأخروية والمشتهيات الدنيوية،

1 - في بعض النسخ (عبدة الأصنام).
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست