يستولى عقله على قواه النفسانية ضرورة أن استيلاءه عليها متوقف على العلم بها فاللازم من المقدمتين إما انتفاء حقيقة الفلاح والنجاة عند انتفاء حقيقة العلم; أو انتفاء الفلاح والنجاة من مقابح القوى النفسانية عند انتفاء العلم بها والله أعلم (وسوف ينجب من يفهم) رجل نجيب أي كريم بين النجابة وقد نجب ككرم نجابة إذا كان فاضلا متادبا بالآداب النقلية والعقلية، ووجه ذلك ظاهر لأن الفهيم بنور فهمه يميز بين الحق والباطل وبين الصفات والحسنة والقبيحة فهو بمرور الأيام يكتسب المحاسن ويجتنب عن الرذايل ويصير عالما فاضلا غالبا على النفس وقواها وهواها حتى يصير نجيبا في الدنيا والآخرة (ويظفر من يحلم) الظفر النجاة والفوز بالخيرات والحلم بالكسر الأناة تقول منه حلم الرجل يحلم بضم اللام فيهما إذا تأنى ولم يستعجل وذلك ظاهر لأن من تأنى في العقوبة ولم يستعجل فيها ولم يستخفه سوء الأدب ولم يستفزه الغضب يظفر عن قريب بالمطالب ويفوز بالمآرب لأن ذلك سبب لكثرة المعاون والأصدقاء وازدياد الناصر والأخلاء بخلاف المستعجل فإنه يضيق عليه أمره (والعلم جنة) يقي من سهام مكايد الشيطان وسنان مخاطرات النفوس وصولة القوى الشهوية والغضبية والدواعي النفسانية بل من جميع الآفات الدنيوية والعقوبات الاخروية (والصدق عز) المراد بالصدق استقامة اللسان في القول والخطاب وثباته على منهج العدل والصواب في الصغير والكبير والقليل والكثير سواء كان على نفسه أو على الله تعالى أو على رسوله أو على الأئمة الطاهرين أو على المؤمنين وهو سبب للعزة والقوة والغلبة أو المراد به الاعتقاد الصادق ويؤيده المقابلة بالجهل لأنه الاعتقاد الكاذب.
(والجهل ذل) غاية العزة هي التقرب بالله والارتواء بزلال لطفه والتنعم برياض قدسه والتمكن في قلوب العارفين وذلك لا يحصل إلا بالعلم والعمل فإذا انتفى العلم وحصل الجهل بسيطا كان أو مركبا ثبت الذل والبعد عن الحق وإنما قابل الصدق بالجهل دون الكذب لئلا يصير الثاني تأكيدا لمضمون الأول والتأسيس خير من التأكيد (والفهم مجد) المجد الكرم والشرف الواسع يعني أن الفهم من الصفات الكريمة الشريفة الموجبة لشرافة الذات ورفعة الحسب وجلالة القدر (والجود نجح) النجح والنجاح الظفر بالحوائج يعني أن الجود بالمال وبذله في وجوه الغير وصرفه في مصارف الخير يوجب الظفر بالمطالب الاخروية لأن الله تعالى يقابل القليل بالجزيل ويورث الفوز بالمآرب الدنيوية لأنه يجذب قلوب الناس إلى التودد لصاحبه ويصرف همتهم إلى الذب عنه وتحصيل مطالبه قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الجود حارس الأعراض» (1) (وحسن الخلق مجلبة