شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٣١٥
الله (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم الرجل كثير الصلاة كثير الصيام فلا تباهوا به) أي فلا تفاخروا به من المباهاة وهي المفاخرة أو فلا تؤانسوا به من البهاء بالفتح والمد وهو الانس يقال: بهأت بالرجل بهاء آنست به وحينئذ يقرأ تباهئوا بالهمزة بعد الهاء (حتى تنظروا كيف عقله) فإن وجدتم عقله كاملا باعتبار ظهور آثار العقلاء عنه واشتمال أعماله وأفعاله على المحسنات العقلية والنقلية وجودة رأيه في الأمور الدنيوية والأخروية وحسن تصرفه في الفضايل العلمية والعملية، ورعاية آداب المعاشرة مع بني نوعه فهو أهل للمباهاة والمفاخرة والمؤانسة، إذ هو مظهر للألطاف الالهية ومورد للكمالات النفسانية ومعدن للفضايل الروحانية ونور في نفسه ومنور مرشد لغيره، وإن وجدتم عقله بخلاف ذلك فعمله بعيد عن الاعتبار والافتخار، وفيه دلالة على جواز مدح العلماء والثناء بالعقلاء سرا وعلانية كيف لا والآيات القرآنية والروايات النبوية مشحونة بذكر كمالاتهم ونشر فضائلهم زادهم الله شرفا وتعظيما.
* الأصل:
29 - «بعض أصحابنا، رفعه عن مفضل بن عمر: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يا مفضل لا يفلح من لا يعقل، ولا يعقل من لا يعلم، وسوف ينجب من يفهم ويظفر من يحلم، والعلم جنة والصدق عز، والجهل ذل، والفهم مجد، والجود نجح حسن الخلق مجلبة للمودة، والعالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس. والحزم مساءة الظن، وبين المرء والحكمة نعمة العالم والجاهل شقي بينهما; والله ولي من عرفه، وعدو من تكلفه، والعاقل غفور والجاهل ختور، وإن شئت أن تكرم فلن، وإن شئت أن تهان فاخشن، ومن كرم أصله لأن قلبه، ومن خشن عنصره غلظ كبده، ومن فرط تورط، ومن خاف العاقبة تثبت عن التوغل فيما لا يعلم، ومن هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه، ومن لم يعلم لم يفهم، ومن لم يفهم لم يسلم، ومن لم يسلم لم يكرم، ومن لم يكرم يهضم، ومن يهضم كان ألوم، ومن كان كذلك كان أحرى أن يندم».
* الشرح:
(بعض أصحابنا رفعه عن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يا مفضل) صدر الحديث بندائه لطلب احضار قلبه واستعداده لما سيتلو عليه من فضايل العقل ورذايل ضده (لا يفلح من لا يعقل) لأن الفوز بالسعادات الدنيوية والاخروية لا يتصور بدون العقل الذي هو مبدء لجميع الخيرات ومنشؤ لجميع الكمالات، وبدون استيلائه على القوة الغضبية والشهوية (ولا يعقل من لا يعلم) أي من انتفت عنه حقيقة العلم انتفت عنه حقيقة العقل لأن تحقق حقيقة العقل وقوامها ومراتبها إنما هو بالعلم فإذا انتفى انتفى، أو من انتفى عنه العلم بقوى النفس ومحاسنها ومقابحها فلا يعقل يعني لا
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»
الفهرست