شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٣٠٥
العقل وإن كان مستقلا في بعض المعارف لكنه غير مستقل في بعضها كأحوال العباد والشرايع الإلهية مع تحقق خطائه فيما يستقل كثيرا فاحتاجوا إلى النبي المؤيد من عند الله تعالى ليهديهم إلى المطالب والمحاسن ويزجر عن الرذايل والقبايح ليكونوا معه أقرب من الخير وأبعد من الشر.
* الأصل:
23 - «عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، مرسلا قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) دعامة الإنسان العقل والعقل منه الفطنة والفهم والحفظ والعلم، وبالعقل يكمل وهو دليله ومبصره ومفتاح أمره، فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالما، حافظا، ذاكرا، فطنا، فهما فعلم بذلك كيف ولم وحيث، وعرف من نصحه ومن غشه، فإذا عرف ذلك عرف مجراه وموصوله ومفصوله، وأخلص الوحدانية لله والاقرار بالطاعة فإذا فعل ذلك كان مستدركا لما فات، وواردا على ما هو آت يعرف ما هو فيه ولأي شئ هو ههنا، ومن أين يأتيه، وإلى ما هو صائر، وذلك كله من تأييد العقل».
* الشرح:
(عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد مرسلا قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) دعامة الإنسان العقل) الدعامة بالكسر عماد البيت ودعامة السقف الاسطوانة التي يقوم عليها السقف، ودعامة الحايط المايل العماد الذي يستند إليه ليستمسك به فتشبيه الإنسان بالبناء مكنية، وإثبات الدعامة له تخييلية، وحمل العقل عليها تشبيه بليغ وتعريف العقل باللام للحصر يعني أن إثبات الإنسانية للإنسان وتحققها وقيام معناها إنما هو بالعقل كما أن إثبات السقف وقيامه بالعماد لظهور أن الإنسان ليس مجرد هذا الهكيل المخصوص وإلا لما كان بينه وبين الصور المنقوشة على الجدار أو المصنوعة من الحجر والخشب فرق بل الإنسان إنسان بما وجد فيه من العقل الذي هو منشؤ المعارف والكمالات ومبدء العلوم وملكات وأما من لم يوجد فيه العقل كالجاهل الفاقد لتلك المعارف والملكات الواجد لأضدادها من الشرور والآفات فهو نسناس في صورة الناس (والعقل منه الفطنة والفهم) أي ينشؤ من العقل الفطنة والفهم وهذا الكلام وما بعده بيان وتفسير لذلك المرام أعني كون العقل دعامة الإنسان، والفطنة الذكاء ولها مراتب أعلاها أن يحصل للذهن ملكة الانتقال من المبادي إلى المطالب بسهولة بحيث لا يحتاج إلى فضل مكث وتأمل، والفهم جودة تهيؤ الذهن لقبول ما يريد عليه وله أيضا مراتب في القوة والضعف وأعلاها أن يحصل للذهن من كثرة مزاولة المقدمات المنتجة ملكة سرعة انتاج المطالب وسهولة استخراج النتايج على سبيل البرق الخاطف (والحفظ والعلم) لعل المراد بالحفظ حفظ الميثاق أو حفظ الصور الحسية بضبطها في خزانة الخيال أو حفظ الصور العقلية بأن يحصل للذهن ملكة الارتباط بالمبادئ العالية بحيث يقدر أن يشاهد تلك الصور فيها متى شاء من
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست