ويقول ابن فارس: " كانت العرب في جاهليتها على إرث من إرث آبائهم في لغاتهم وآدابهم ونسائكهم وقرا بينهم، فلما جاء الله جل ثناؤه بالاسلام حالت أحوال، ونسخت ديانات، وأبطلت أمور، ونقلت من اللغة ألفاظ من مواضع إلى مواضع أخر بزيادات زيدت، وشرائع شرعت، وشرائط شرطت، فعفى الاخر الأول، وشغل القوم بعد المغادرات والتجارات وتطلب الأرباح والكدح للمعايش في رحلة الشتاء والصيف، وبعد الاغرام بالصيد والمعاقرة والمياسرة بتلاوة الكتاب العزيز الذي لا يأتيه البطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وبالتفقه في دين الله عز وجل، وحفظ سنن الرسول صلى الله عليه وسلم مع اجتهادهم في مجاهدة أعداء الاسلام، فصار الذي نشأ عليه آباؤهم ونشأوا هم عليه كأن لم يكن، حتى تكلموا في دقائق الفقه، وغوامض أبواب المواريث وغيرها من علم الشريعة وتأويل الوحي بما دون وحفظ حتى الآن " (1).
وبعد الاستقراء والتتبع نستطيع أن نقول: ان القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة هما اللذان فتحا باب الاصطلاح على مصراعيه، وكان القرآن الكريم والسنة النبوية هما أول من أرسى قواعد المصطلح الاسلامي، وكان عملهما في هذا السبيل:
أ - إماتة كلمات لامكان لدلالاتها في الحضارة الحديثة التي أرسى قواعدها القرآن والسنة، ونذكر على سبيل المثال: ألفاظ:
إتاوة: ما يفرضه الرئيس ونحوه لنفسه على الشخص من المال بغير حق، وقد يرى البعض ان هذه هي الزكاة مع تبدل الاسم وبقاء الجوهر، والحقيقة ليست كذلك، لان الزكاة لا تجب إلا على الغني، وبنسبة أمواله، وهي ليست للرئيس ولا يحق له أن يأخذ منها شيئا "، وإنما هي للفقراء والمساكين.
الحلوان: ما يأخذه الرجل لنفسه من مهر ابنته، وهذا قد حرمه الاسلام، أو ما يأخذه الرجل على عمل غير الاجر، أو على عمل لا يستحق عليه أجرا "، كحلوان الكاهن ونحوه، وقد حرمه الاسلام أيضا " لأنه إثراء بلا سبب وأكل لأموال الناس بالباطل.
المكس: ما يأخذه الرئيس لنفسه من غلال الأرض أو مما يحمله التجار، وقد يرى البعض أن هذا هو عشر الزروع المفروض في الزكاة، أو ما يؤخذ من أصحاب الأراضي