عرضهم على الملائكة، فقال: أنبئوني بأسماء هؤلاء: إن كنتم صادقين) * (1):
" (وعلم آدم الأسماء كلها) إما بخلق علم ضروري بها فيه أو إلقاء في روعه، ولا يفتقر إلى سابقة اصطلاح ليتسلسل، والتعليم فعل يترتب عليه العلم غالبا "، ولذلك يقال: علمته فلم يتعلم. و (آدم) اسم أعجمي كآزر وشالخ، عليه العلم غالبا "، ولذلك يقال: علمته فلم الأسوة، أو من أديم الأرض... (والاسم) باعتبار الاشتقاق ما يكون علامة للشئ ودليلا يرفعه إلى الذهن من الألفاظ والصفات والأفعال واستعماله عرفا في اللفظ الموضوع لمعنى سواء كان مركبا " أو مفردا " مخبرا " عنه أو خبرا " أو رابطة بينهما، واصطلاحا " في المفرد الدال على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة، والمراد في الآية إما الأول أو الثاني، وهو يستلزم الأول لان العلم بالألفاظ من حيث الدلالة متوقف على العلم بالمعاني، والمعنى أنه تعالى خلقه من أجزاء مختلفة وقوى متباينة مستعدا " لا دراك أنواع المدركات من المعقولات والمحسوسات والمتخيلات والموهومات والهمه معرفة ذوات الأشياء وخواصها وأسمائها وأصول العلوم وقوانين الصناعات وكيفية آلاتها (ثم عرضهم على الملائكة) الضمير فيه للمسميات المدلول عليها ضمنا " إذ التقدير أسماء المسميات، فحذف المضاف إليه لدلالة المضاف عليه وعوض عنه عنه اللام كقوله تعالى:
* (واشتعل الرأس شيبا) * لان العرض للسؤال عن أسماء المعروضات فلا يكون المعروض نفس الأسماء سيما إن أريد به الألفاظ والمراد به ذوات الأشياء، أو مدلولات الألفاظ وتذكيره لتغليب ما اشتغل عليه من العقلاء ".
أما سيد قطب (ت 1386 ه) فكتب في شرح الآية الكريمة نفسها (2): " ها نحن أولاء - بعين البصيرة في ومضات الاستشراف - نشهد ما شهده الملائكة في الملا الأعلى... ها نحن أولاء نشهد طرفا من ذلك السر الإلهي الذي أودعه الله هذا الكائن البشري، وهو يسلمه مقاليد الخلافة، سر القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات، سر القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات، سر القدرة على تسمية الاشخاص والأشياء بأسماء يجعلها - وهي ألفاظ منطوقة - رموزا " لتلك الاشخاص والأشياء المحسوسة. وهي قدرة ذات قيمة كبرى في حياة الانسان على الأرض، ندرك قيمتها حتى نتصور الصعوبة الكبرى، لو لم يوهب الانسان القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات، والمشقة في التفاهم والتعامل حين يحتاج كل فرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شئ أن يستحضر هذا الشئ بذاته أمامهم ليتفاهموا بشأنه... الشأن شأن نخلة فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا باستحضار جسم النخلة! الشأن شأن