عد علماء اللغة أبواب الحذف والزيادات والتقديم والتأخير والحمل على المعنى والتحريف كلها من المجاز (1).
وإن المستقرئ للمصطلحات يدرك بأدنى تأمل الاشتراك الواضح بين المعنى الأصلي للفظ وبين المعنى الذي اصطلح على إطلاقه عليه، لان المعاني الاصطلاحية لا تخرج في جملتها عن كونها تحمل زيادة على المعنى الأصلي للفظ أو حذفا منه.
ونخلص من هذا إلى أن المعاني الاصطلاحية هي معاني مجازية للفظ، وأن إطلاق اللفظ عليها هو إطلاق مجازي، وليس من قبيل المشترك - 6 - تلك مقدمة في بيان طبائع اللغات اتخذناها جسرا " نعبر عليه لنتوصل به إلى نشأة المصطلح الفقهي.
لقد بعث الله سبحانه محمدا " صلى الله عليه وسلم بدين الاسلام. وجعل معجزته القرآن الكريم، وهي المعجزة اللغوية الوحيدة بين معجزات الرسل عليهم السلام، وقد تبوأ القرآن الكريم مكان الصدارة لدى أرباب اللغة والبيان، ومن ثم أعتبر الباحثون قديما " وحديثا " أهم حدث في تاريخ هذه اللغة (2)، وبدا أثر هذا الحدث واضحا " في لغة الحديث النبوي الشريف، ونستطيع أن نلاحظ هذا الأثر بسهولة ويسر في مجئ القرآن الكريم بأصول الدين الاسلامي وأحكامه مجملة دون تفصيل، ثم تولت السنة النبوية الشريفة تفصيل ذلك وبيانه، * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) * - النحل / 44 -.
فالقرآن الكريم مثلا لم يذكر التكاليف العملية التفصيلية، بل هو لم يبين المعاني المرادة لكثير من الألفاظ التي تحمل هذه التكاليف، فضلا عن بيانه كيفية أدائها، مع أن هذه الألفاظ كانت تحمل معاني جديدة لم يكن العرب يعرفونها من ذي قبل، ولعل أبرز مثال على ذلك ألفاظ " الصلاة " الزكاة، الحج... " مع أن هذه الألفاظ كانت تبين الأركان العملية للدين، فجاءت السنة النبوية الشريفة تفصل أوقات الصلاة وكيفياتها، كما فصلت القواعد، والأسس التي يجب